عدمها من غير ناحية المقدمة بل الوجوب ثابت لها من أول الأمر ويتطلب سد كل أبواب عدمها (١).
وهذا الوجه في إبطال هذا القول صحيح لا غبار عليه (٢).
القول الثالث : ما نسب إلى الشيخ الأعظم على ما في تقريرات بحثه من ان الواجب الغيري هو المقدمة مع قصد التوصل بها إلى الواجب النفسيّ على نحو يكون قصد التوصل من قيود الواجب الغيري.
وذكر السيد الأستاذ (٣) : ان هذا القيد هو نفس القيد الّذي أفاده صاحب المعالم ( قده ) ، غاية الأمر انه جعله قيدا للوجوب الغيري والشيخ ( قده ) يجعله قيدا للواجب ، إلا انه بالدقة يوجد فرق بين قصد التوصل بالمقدمة وبين قصد ذي المقدمة وإرادته ، إذ قد يريد المكلف فعل ذي المقدمة ولكنه مع ذلك يأتي بالمقدمة فعلا بقصد آخر.
وعلى أي حال عبائر التقريرات مشوشة في شرح مرام الشيخ ( قده ) ، في المقام فهناك احتمالات عديدة في تفسير مرامه.
الأول : ما ذكر من أخذ قصد التوصل قيدا في الواجب الغيري.
الثاني : ان وقوع المقدمة امتثالا وعبادة يتوقف على قصد التوصل بها ، وهذا المعنى لو كان هو المتصور فهو معنى صحيح لما تقدم من أن الوجوب الغيري ليس بنفسه قربيا وعباديا.
الثالث : ان قصد التوصل قيد في الواجب قيد في الواجب الغيري كالأول ولكنه في خصوص الواجبات المتوقفة على مقدمة محرمة ، فانها تقع محرمة الا إذا جيء بها بقصد التوصل ، فتكون واجبة ، وهذا بخلاف المقدمة المباحة فانها واجبة على الإطلاق ، وهذا المعنى
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ج ٢ ، ص ٤٠٤.
(٢) يمكن لصاحب المعالم ان يختار الشق الأول. وهو ثبوت الوجوب النفسيّ عند عدم إرادة فعل الواجب النفسيّ رغم ارتفاع الوجوب الغيري. ودعوى استحالة ذلك من جهة لزوم التفكيك بين المتلازمين مصادرة ، إذ تتوقف على افتراض ان الملازمة بين الوجوب المطلق للمقدمة مع وجوب ذيها لا بين الوجوب المشروط لها ووجوب ذيها. وهو أول الكلام ، فانه يدعي ان إيجاب شيء لا يستلزم الا إيجاب مقدماته مشروطا بالعزم على إتيان ذلك الشيء ، واما لو لم يكن يريد الإتيان به فلا تكليف آخر للمولى عليه بإتيان مقدماته. فالأولى في الإشكال الرجوع إلى مدرك الملازمة وانه اما التوقف أو الوصول إلى ذي المقدمة ، وكلاهما لا يقتضيان تقييد الوجوب ، وانما الثاني منهما يقتضي تقييد الواجب الغيري بالحصة الموصلة على بيان يأتي في محله.
(٣) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٢٣٣.