المقدمة من ناحية مقدماته أيضا فلا يعقل اختصاص التحريك والانبعاث نحو فعل المقدمة بالأمر الغيري بناء على القول بالمقدمة الموصلة (١).
الوجه الثالث ـ ان محركية الأمر انما يكون بلحاظ ما يترتب عليه من أثر الثواب والتجنب عن العقاب ، ومن الواضح ان الثواب والعقاب انما يكونان بلحاظ المطلوب النفسيّ للمولى لما عرفت من ان موضوع الثواب ذاتا وحجما في الثواب الانفعالي والمولوي معا انما هو بلحاظ المطلوب النفسيّ للمولى لا الغيري وكذلك العقاب فلا محالة لا تكون المحركية الا بقصد الأمر النفسيّ.
وان شئت قلت : العقل يحكم بان العبد لا بد وان يجعل نفسه امتدادا للمولى ، وهذا يستدعى التطابق بين إرادة العبد وإرادة المولى لو كان هو المباشر ، ولا إشكال ان المولى لو باشر تحقيق مطلوبه كانت إرادته للمقدمة غيرية ، أي كان تحركه بداعي المطلوب النفسيّ ، فالعبد أيضا انما يستحق الجزاء بحكم العقل إذا تعلقت إرادته بذلك ، أي كان مراده النفسيّ الصلاة لا الوضوء.
وهذا وجه صحيح أيضا ولا يعترض عليه : بما ذكره العراقي ( قده ) من ان إرادة المولى للصلاة غيرية أيضا لأنه انما يريدها باعتبار المصالح فيها فلا بد للمكلف من إرادة تلك المصالح (٢) فان جواب هذا الاعتراض يتضح مما تقدم من ان مولوية المولى تبدأ من حيث يسجل فعلا في عهدة المكلف ، وهو فعل الصلاة لا ملاكاتها ، واللازم هو التطابق بين إرادة المكلف والمولى بما هو مولى لا بما هو كائن ، وإرادة المولى بما هو مولى للصلاة نفسية وليست غيرية.
الوجه الرابع ـ ما عن المحقق الأصفهاني ( قده ) من ان الأمر الغيري لكونه تابعا في الوجود للأمر النفسيّ فتكون محركيته أيضا تبعية ولا يمكن ان تكون مستقلة (٣).
وكأن هذا البيان انسياق مع كلمات الحكماء من ان الممكن كما هو غير مستقل
__________________
(١) هذا الوجه لا يثبت عدم إمكان الانبعاث من الأمر الغيري وانما يثبت عدم اختصاص الانبعاث بذلك في مورد الانبعاث.
(٢) مقالات الأصول ، ج ١ ص ١١٤.
(٣) نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٩٧ ـ ١٩٨.