المرحلة الأولى صحيحة ، الا انه بلحاظ المرحلة الثانية غير صحيحة ، لأن القضية الحقيقية تكون لجزائها مرحلة فعلية حقيقية بخلاف القضية المجعولة فانها لا تكون لجزائها مرحلة فعلية حقيقية بالدقة ، بل وهمية تصورية. والبرهان على ذلك : ان ما يفترض تحققه في القضايا المجعولة عند تحقق شرطها من الحكم الفعلي ان كانت نسبته إلى القضية المجعولة نسبة المجعول إلى جعله حقيقة فمن الواضح ان المجعولة الحقيقي ـ أي المجعول بالذات ـ انما هو نفس القضية الحقيقية ـ أي نفس الجعل ـ لأن الجعل والاعتبار من الصفات النفسانيّة ذات الإضافة ـ كالحب والعلم ـ والإضافة في هذه الصفات داخلة في حاق ذاتها وليست عارضة عليها ، ولهذا لا يمكن تصورها من دون الإضافة ، فالمجعول بالذات حقيقة عين الجعل كما ان المعلوم والمحبوب بالذات عين العلم وعين الحب ، فلو فرض شيء اسمه المجعول يتحقق عند تحقق الشرط في الخارج استحال ان تكون نسبته إلى الجعل نسبة المجعول الحقيقي فلا بد أن يكون مجعولا بالعرض والمجاز ، فإذا كانت له نسبة وعلاقة بالجعل وكان له وجود حقيقي فلا بد وان تكون علاقة أخرى. وان كانت نسبته إلى الجعل نسبة المسبب إلى سببه ومقتضية ويكون الأمر الخارجي شرطا لفعليته ، فان أريد به امر خارجي مسبب عن جعل الشارع فمن الواضح ان الأحكام الشرعية ليست أمورا خارجية تكوينية ، وان أريد به امر نفساني يحصل لدى الجاعل عند تحقق الشرط في الخارج فمن الواضح أيضا انه لا يحصل في نفس المولى الجاعل للحكم شيء عند تحقق الشرط في الخارج سواء علم بتحققه في الخارج أم لا.
وعليه فلا يوجد لدينا في الأحكام والقضايا المجعولة شيء حقيقي خارجا أو في نفس المولى وراء نفس الجعل لنصطلح عليه بالمجعول الفعلي ، نعم عند تحقق الشرط خارجا تصبح للقضية المجعولة فاعلية ومحركية للعبد نحو الفعل. كما انه لا بأس ان يعبر مسامحة عند تحقق الشرط خارجا بفعلية المجعول وتحقق الوجوب تصورا وعنوانا ، وهذه نظرة ورؤية تصورية ، حيث ان الجاعل يتصور من خلال جعله كأنه يقذف بالوجوب على فرض تحقق الشرط ومع هذه الرؤية التصورية انساق المحقق النائيني ( قده ) حينما ادعى وجود مرحلتين للحكم مرحلة الجعل والمجعول ، ويترتب على إنكار المجعول