إمكانه إذا لم تكن نسبة المتعلق إلى الغرض من الأمر نسبة العلة إلى المعلول بل نسبة المقتضي إلى المقتضى ، كما في مثال الأمر بإتيان الماء لرفع عطشه فأحضره العبد ثم قبل ان يشرب المولى بدله بفرد آخر مساو أو أفضل ، فهنا يمكن تبديل الامتثال قبل حصول الغرض لأن الأمر باق ببقاء الغرض الّذي دعا إليه (١).
وقد نوقش فيه من قبل المحقق الأصفهاني ( قده ) (٢) ، والسيد الأستاذ وغيرهما : بأن الغرض من الأمر دائما يتحقق بنفس الإتيان بمتعلقه واما ما يتراءى في مثال الماء من بقاء عطش المولى فهو ليس غرض الأمر بل هو خلط بين الغرض الأدنى الّذي يترتب على فعل المأمور به والغرض الأقصى وهو الارتواء الّذي هو من فعل الماء ومتوقف عليه.
والصحيح ان كلا من كلام صاحب الكفاية ( قده ) وربط المقام بمسألة الغرض من الأمر وكلام المناقشين غير تام. فلنا في المقام تعليقان :
التعليق الأول ـ على كلام صاحب الكفاية ( قده ) حيث ربط مسألة إمكان تبديل الامتثال بغرض الآمر مع أنك عرفت فيما سبق أن سقوط الأمر غير مرتبط بحصول غرض المولى ، بل يرتبط بإمكانية التحريك وعدمه وهو يكون بالامتثال وعدمه وليس تابعا لبقاء الغرض وعدمه أصلا. بل يستحيل ذلك ، لأن الأمر لو بقي بشخصه ومتعلقا بالجامع بين الفرد الواقع وبين سائر الافراد كان طلبا للحاصل ، ولو بقي متعلقا بغير الفرد الواقع استحال ان يكون شخص ذلك الأمر الأول.
التعليق الثاني ـ على كلام المستشكل الّذي قبل أصل منهجة بحث صاحب الكفاية من ربط المسألة بالغرض من الأمر ولكنه ادعى ان الغرض الأدنى هو الباعث على الأمر وهو حاصل دائما بالامتثال. فان هذا غير تام لأن الغرض الأدنى قد يكون غرضا مقدميا غيريا أو غرضا نفسيا ضمنيا ، ومن الواضح ان الأغراض المقدمية أو الضمنية لا تتحقق الا بعد الوصول إلى تمام النتيجة وتحقق تمام الاجزاء والشرائط ، لأن الغرض والحب الغيري لا يكون الا في المقدمة الموصلة كما ان الغرض
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ١٢١ ـ ١٢٢.
(٢) نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٤٤.