ولاحظ عليه المحققون المتأخرون كالنائيني والأصفهاني ( قدهما ) بأن مفهوم الشيء بعرضه العريض لا يناسب ان يكون هو مدلول الأمر ، لأن الشيء يطلق على الجوامد أيضا فيقال : زيد شيء ، ولا يقال أمر ومن هنا استقرب أن يكون المعنى الثاني الجامع بين المعاني الأخرى للأمر هو الواقعة والحادثة أو الواقعة والحادثة الخطيرة المهمة (١) والمحقق الأصفهاني أيضا يرى ان المناسب أن يكون المعنى الآخر للأمر هو الفعل والحدث (٢).
والصحيح ان مدلول كلمة الأمر حسب المستفاد من استعمالاتها في غير الطلب وان لم يكن يساوق مفهوم الشيء بعرضه العريض ، الا انه ليس مخصوصا بالحادثة أو الواقعة المهمة أو الحدث بدليل عدم التناقض في قولك كلام فلان أمر غير مهم ، وعدم العناية والمجاز في قولك اجتماع النقيضين أمر محال ، أو شريك الباري أمر محال. وعدم مجيء زيد أمر عجيب مع ان المحال وكذلك العدم ليس واقعة أو فعلا ، بل نحن نرى ان كلمة الأمر تستعمل في الجوامد أيضا حينما تكون من قبيل أسماء الأجناس فيقال النار أمر ضروري في الشتاء. نعم العلم بالذات أو بالإشارة لا يطلق عليه أمر فمفهوم الأمر مساوق مع شيء من الخصوصية بمعنى انه مطعم بجانب وصنعي فلا يطلق على ما يتمحض في العلمية والذاتيّة.
وأمّا المحاولة الثانية ـ وهي توحيد معاني الأمر في معنى واحد جامع فقد وقعت هذه المحاولة بأحد أنحاء ثلاثة :
الأول ـ إرجاع غير المعنى الطلبي إلى الطلب كما استقر به المحقق الأصفهاني ( قده ) فانه بعد ان ارجع معنى الأمر إلى الفعل قال ويمكن القول بان استعماله في الفعل يرجع إلى استعماله في الطلب بنحو من العناية لأن الفعل في معرض ان يطلب فكما يعبر عنه بمطلب ولو لم يتعلق به الطلب بالفعل كذلك يعبر عنه بأمر بنكتة الشأنية والمعرضية لأن يتعلق به (٣).
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٨٦.
(٢) نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٠٣ ـ ١٠٤.
(٣) نفس المصدر السابق.