وأما الإطلاق المقامي ـ فهناك تقريبان لإثبات التوصلية بالإطلاق المقامي.
التقريب الأول ـ ان نحصل برهانا على عدم دخل قصد القربة في الغرض وهو انه لو كان دخيلا في غرض المولى كان عليه بيانه ولو بجملة خبرية ، والا لزم نقض الغرض.
وقد ذكر المحقق العراقي ( قده ) ان لزوم نقض الغرض هذا يتوقف على تمامية أحد امرين اما ان يقال : أن الأصل العملي عند الشك في دخل قصد القربة في الغرض هو البراءة لا الاحتياط ، أو يقال أن قصد القربة من القيود التي يغفل عنها العرف ولا يلتفت إلى أصله أو إلى احتمال وجوبه ، والا فلو كان العرف يلتفت إلى احتمال دخل قصد القربة ويكون هذا الاحتمال مجرى لأصالة الاشتغال فلا يلزم من عدم بيان دخل قصد القربة في الغرض نقض الغرض كما لا يخفى (١).
والتحقيق : ان الإطلاق المقامي هذا لا يتم حتى إذا تممنا الأمرين المذكورين وذلك لأمرين :
الأول ـ ان برهان نقض الغرض هذا لا يثبت الإطلاق المقامي في شخص خطاب معين لم يذكر معه دخالة قصد القربة في الغرض لأن مجرد عدم ذكر ذلك في شخص الخطاب مع احتمال ذكره في خطابات وبيانات أخرى لا يلزم منه نقض الغرض ، وانما يمكن ان يحرز عدم دخالة قصد القربة في الغرض إذا ما أحرز عدم بيان المولى لهذه الدخالة إطلاقا ، ومثل هذا لا يمكن إحرازه من مجرد سكوت المولى في شخص خطاب الأمر كما هو واضح.
الثاني ـ وهذا الاعتراض يختص بما إذا أريد كشف الإطلاق بنكتة ان قيد القربة مما يغفل عنه عادة ـ ان هذا التقريب على فرض تماميته يبرهن على ان قصد القربة ليس شرطا واقعيا أي ليس دخيلا في الغرض على الإطلاق ، واما احتمال كونه شرطا ذكريا ، الّذي يكون شرطا عند التذكر والالتفات إلى قصد القربة أو احتمال دخله في الغرض ، فلا يمكن نفيه بالإطلاق المقامي ؛ لأن من لا يلتفت إليه لا غرض في قصده
__________________
(١) مقالات الأصول ، ج ١ ، ص ٧٨.