وممّا ذكرنا يظهر : أنّ إطلاق الجماعة (١) لحِلّ ما يعطيه الجائر مع عدم العلم بحرمته عيناً : إن كان شاملاً لصورة العلم الإجمالي بوجود حرام في الجائزة مردّد بين هذا وبين غيره مع انحصار الشبهة ، فهو مستند إلى حمل تصرّفه على الصحّة أو إلى عدم الاعتناء بالعلم الإجمالي ؛ لعدم ابتلاء المكلّف بالجميع ، لا لكون هذه المسألة خارجة بالنصّ عن (٢) حكم الشبهة المحصورة.
نعم ، قد يخدش في حمل تصرّف الظالم على الصحيح من حيث إنّه مُقدم على التصرّف فيما في يده من المال المشتمل على الحرام على وجه عدم المبالاة بالتصرّف في الحرام ، فهو كمن أقدم على ما في يده من المال المشتبه المختلط عنده بالحرام ، ولم يقل أحد بحمل تصرّفه حينئذٍ على الصحيح.
لكن الظاهر أنّ هذه الخدشة غير مسموعة عند الأصحاب ؛ فإنّهم لا يعتبرون في الحمل على الصحيح احتمال تورّع المتصرّف عن التصرّف الحرام لكونه حراماً ، بل يكتفون باحتمال صدور الصحيح منه ولو لدواعٍ أُخر.
وأمّا عدم الحمل فيما إذا أقدم المتصرّف على الشبهة المحصورة الواقعة تحت يده ؛ فلفساد تصرّفه في ظاهر الشرع ، فلا يحمل على الصحيح الواقعي ، فتأمّل ، فإنّ المقام لا يخلو عن إشكال.
عدم ثبوت ما يدلّ على إلغاء قاعدة الاحتياط
وعلى أيّ تقدير ، فلم يثبت من النصّ ولا الفتوى مع اجتماع
__________________
(١) المتقدّم ذكرهم في الصفحة ١٧٦.
(٢) كذا في «ف» ونسخة بدل «م» ، وفي سائر النسخ : من.