وتدل على ذلك مضافاً إلى ما ذكرناه من أنّه معنى الإزار لغة واستظهرناه من الأخبار المتقدمة السيرة العملية الجارية على ذلك ، إذ من البعيد أن تكون هذه السيرة على خلاف الحكم الثابت في الشريعة المقدسة ، فهذا يكشف عن أنّ المراد بما ورد في الأخبار هو المئزر ، وذلك لأنّ الحكم لو كان على خلاف ذلك لاشتهر وبان لأنّ المسألة ممّا تعم بها البلوى في كل زمان ومكان ولا يكاد يخفى حكمها على أحد ولم ينحصر المخالف فيها بصاحب المدارك وتلميذه الأمين الأسترآبادي كما في الحدائق (١) ولم تظهر المخالفة في عصرهما بل ظهرت من الابتداء.

فتحصل : أن ما ذكره صاحب المدارك من كون الكفن ثوبين وقميصاً غير متعين ، فهل هو جائز بأن يكفن الميِّت بدلاً عن المئزر ثوباً شاملاً؟

الصحيح عدم جوازه أيضاً ، فإنّ الوارد في جملة من الأخبار وإن كان مطلق الثوب إلاّ أنّ الأخبار المتقدمة الّتي استظهرنا منها كون أحد الأكفان مئزراً ولا سيما ما دلّ على أنّ الكفن في المرأة العظيمة خمسة ، درع ومنطقة ... فإنّها صريحة في إرادة المئزر لأنّ المنطقة ما يشد به من الوسط ظاهرة في تعينه ، ولا مسوغ لرفع اليد عن ظهورها في التعين بوجه.

فما أفاده صاحب المدارك غير مشروع في نفسه فضلاً عن تعينه ، والمتعين ما ذكره المشهور من كون الكفن الأوّل هو المئزر.

وأمّا القميص فهل هو متعيّن أو يجوز أن يلبس الميِّت بدله ثوباً شاملاً؟.

ظاهر كلام المدارك هو الجواز ، لأنّه جمع بين ما دلّ على أنّ الأكفان ثلاثة أثواب وما دلّ على أنّها ثوبان وقميص ، فيحمل على التخيير بين الثوب والقميص ، ولما دلّ على التخيير في ذلك من النصوص وهي روايتان :

إحداهما : ما رواه الصدوق قدس‌سره عن موسى بن جعفر عليه‌السلام « أنّه سئل عن الميِّت يموت أيكفن في ثلاثة أثواب بغير قميص؟ قال : لا بأس بذلك‌

__________________

(١) نقله في الحدائق ٤ : ٣ وراجع المدارك ٢ : ٩٤.

۳۸۳