حقه وحق المالك لأن ترك النبش موجب لتضرره وذهاب ماله ، ونحن لو لم نرجح حق الحي ولم نناقش في أن النبش لأخذ المال لا يصدق عليه الهتك عرفاً فالحقان متساويان فيتساقطان ، ويبقى عموم « الناس مسلطون على أموالهم » بحاله وهو يقتضي جواز النبش كما تقدم في مسألة الدّفن في الأرض المغصوبة ، وهذا مما لا ينبغي التأمل فيه.

وإنما الكلام في أن النبش جائز في مطلق المال المدفون مع الميِّت ولو كان قليلاً وفي مطلق الميِّت ولو كان قبر معصوم عليه‌السلام أو من يأتي تلوه من العلماء العظماء ونحوهم ، أو يختص بالمال المعتد به لدى العقلاء وبغير المعصوم وشبهه؟

الصحيح هو الثاني ، فإن المال القليل لا يحتمل جواز النبش له وهتك الميِّت لأجل إخراج فلس ونحوه مما لا يعتد به العقلاء ، فحق الميِّت أقوى من حق المالك بلا كلام كما أن القبر إذا كان قبر معصوم لم يجز نبشه ولو لأجل مال معتد به لدى العقلاء ، لأنه هتك في حقه.

نعم ورد في رواية المغيرة بن شعبة أنه دفن مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتمه ثم نبش قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخرج الخاتم وأنه كان يفتخر بذلك لأنه آخر من عهد عهداً بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) إلاّ أن الرواية ضعيفة السند ، وهي مكذوبة ومروية من طرق العامة ، وراويها المغيرة من أعداء أمير المؤمنين عليه‌السلام فلا يمكن الاعتداد بها ، إذ حكي أنه لم يكن حاضراً عند دفن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. على أن ظاهرها أنه دفن خاتمه معه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمداً ، والدّفن العمدي لا نرخص فيه النبش حتى في غير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه الذي أقدم على تضرره بدفنه مع الميِّت فكيف بقبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(١) السيرة الحلبية ٣ : ٤٩٥ ، المهذب ١ : ١٤٥.

۳۸۳