واستحبابه يبتني على التسامح في أدلة السنن ، بل ورد في بعضها جواز أخذ الأُجرة على نياحتها ، فلو كانت النياحة محرمة لم يجز أن تأخذ عليها الأُجرة بوجه.

نعم ذهب ابن حمزة (١) والشيخ (٢) قدس‌سرهما إلى حرمة النياحة ، وادعى الشيخ الإجماع عليها في مبسوطه (٣) ، إلاّ أن هذه الدعوى غير قابلة التصديق منه قدس‌سره حيث إن جواز النياحة ممّا يلتزم به المشهور فكيف يقوم معه الإجماع على حرمتها. ولعلّه أراد بالنياحة النياحة المرسومة عند العرب ، ولا إشكال في حرمتها لاشتمالها على الكذب ، حيث كانوا يصفون الميِّت بأوصاف غير واجد لها في حياته ككونه شجاعاً أو كريماً سخياً مع أنه جبان أو بخيل ، وهو كذب حرام.

نعم ورد النهي عن النياحة في جملة من الأخبار ، ففي رواية جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال « قلت له : ما الجزع؟ قال : أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر من النواصي ، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر وأخذ في غير طريقه » (٤) إلاّ أنها ضعيفة السند بأبي جميلة مفضل بن عمر على طريق وبه وبسهل بن زياد على طريق آخر.

وفي مرسلة الصدوق قال : من ألفاظ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الموجزة التي لم يسبق إليها : « النياحة من عمل الجاهلية » (٥) وهي مضافاً إلى ضعف سندها قابلة الحمل على إرادة النياحة الباطلة المرسومة عند العرب بمناسبة قوله : « من عمل الجاهلية » أي بحسب مناسبة الحكم والموضوع ، إلى غير ذلك من الأخبار الضعاف (٦) فراجع.

__________________

(١) الوسيلة : ٦٩.

(٢) المبسوط ١ : ١٨٩.

(٣) المبسوط ١ : ١٨٩.

(٤) الوسائل ٣ : ٢٧١ / أبواب الدّفن ب ٨٣ ح ١.

(٥) الحديث ٢ من المصدر المتقدِّم ، الفقيه ٤ : ٢٧١ / ٨٢٨.

(٦) منها الحديث ٥ من الباب المتقدِّم.

۳۸۳