ثم لا يبعد جواز النقل إلى المشاهد المشرفة وإن استلزم فساد الميِّت إذا لم يوجب أذية المسلمين ، فان من تمسك بهم فاز ، ومن أتاهم فقد نجا ، ومن لجأ إليهم أمن ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله تعالى ، والمتوسل بهم غير خائب صلوات الله عليهم أجمعين.


الرجحان للنقل بعنوانه لا من جهة العناوين الأُخرى كاستلزامه التقطيع المحرم ، نظير ما دلّ على استحباب أكل الرمان ، حيث لا يمكن التمسك بإطلاقه لإثبات استحباب أكله وإن كان الرمان مال الغير من دون إذنه ، فإنه يدل على استحباب أكل الرمان بعنوانه الأولي لا بعنوان كونه مغصوباً محرماً.

وأمّا دعوى أن التقطيع للنقل إلى المشاهد المشرفة لا يعد هتكاً بل هو كرامة له فتندفع بأن الهتك أمر عرفي ، ولا ينبغي التردد في أن تقطيع بدن الميِّت يعد عند العرف هتكاً للميت. ولا يقاس ذلك بتقطيع بعض الأعضاء حال الحياة ، والفارق هو النظر العرفي كما بيناه.

فالمتحصل : أن النقل إذا كان مستلزماً للتغير في الميِّت بفعل المكلف واختياره محكوم بحرمته.

وأمّا الصورة الثانية : وهي ما إذا كان النقل يستلزم التغير في الميِّت لكن لا بفعل المكلف بل لحرارة الهواء أو لطول المدة ونحوهما فقد ذكر الماتن قدس‌سره أن النقل جائز حينئذ ما لم تنتشر رائحته على نحو يوجب أذية المسلمين.

وذهب صاحب الجواهر (١) إلى حرمته واستدلّ عليها بوجوه :

الأوّل : أن ذلك هتك للميِّت وهتك لحرمته وإن لم تنتشر رائحته في الخارج.

ويدفعه : أن إبقاء الميِّت مدّة ينتن في تلك المدّة إنما يعد هتكاً إذا لم يقصد به النقل‌

__________________

(١) الجواهر ٤ : ٣٤٨.

۳۸۳