دفن الميِّتين في قبر واحد

وأما دفن الميِّتين في قبر واحد فقد استدلوا على كراهته بتلك الرواية ، لأن حمل الميِّتين على سرير واحد إذا كان مكروهاً لدى الشارع مع كون المدة مدة الاجتماع والاقتران قليلة فيكون دفنهما في محل واحد مكروهاً بطريق أولى ، لأن المدة فيه طويلة.

وفيه : أن الرواية أخص من المدعى ، لاختصاصها بما إذا كان أحد الميِّتين رجلاً والآخر امرأة ، فلا يستفاد منها الكراهة فيما إذا كان الميِّتان كلاهما رجل أو كلاهما امرأة.

على أن حملهما في السرير الواحد يستلزم عادة اتصال أحدهما بالآخر بل كون أحدهما فوق الآخر وفيه من الحزازة ما لا يخفى ، وهذا بخلاف ما إذا دفنا في قبر واحد ، لعدم اتصال أحدهما بالآخر ولا كونه فوق الآخر ، بل يجعل أحدهما بجنب الآخر ويفصل بينهما بالتراب. هذا كله فيما إذا دفناهما مرة واحدة.

وأما إذا كان أحدهما مدفوناً سابقاً وأُريد دفن الآخر منه بعد ذلك فقد قالوا بحرمته واستدلّوا عليه بوجوه :

منها : أن ذلك يستلزم نبش القبر وهو حرام.

وأورد عليه في المدارك (١) وغيره بأن النبش لازم أعمّ ، وكلامنا إنما هو في جواز الدّفن في القبر بما هو كذلك لا من جهة استلزامه النبش ، كما إذا انفتح القبر بزلزال ونحوه أو جاز نبشه كما إذا ظهر أن الميِّت دفن من دون غسل مثلاً ، فهذا الوجه لا يرجع إلى محصل.

على أن صاحب الذخيرة (٢) ناقش في شمول الإجماع القائم على حرمة النبش للمقام لأنه دليل لبِّي ويقتصر فيه على المقدار المتيقن وهو غير صورة النبش لأجل دفن ميت آخر.

__________________

(١) المدارك ٢ : ١٥١.

(٢) الذخيرة : ٤٤٤ السطر ١٤.

۳۸۳