كما لا يجوز (*) الدّفن في قبر الغير قبل اندراس ميّته (١).


بل يمكن أن يقال : إن الدّفن في المساجد مزاحم للعبادة فيها ، لأن الصلاة على القبر مكروهة ، وجعل المسجد مدفناً يوجب منقصة فيه وهي تنافي العبادة التي لأجلها جعلت الأرض مسجداً ، كما أن الدّفن إذا كثر كرهت الصلاة فيه ، لأنها من الصلاة بين القبور وهي مكروهة ، نعم لو دفن في المسجد على نحو لا يصدق عليه عنوان القبر كما إذا دفن فيه بفرسخ من قعر الأرض لم يكن به بأس.

وما يقال من أن المساجد مساجد من تخوم الأرض إلى عنان السماء فهو مما لم يثبت بدليل ، نعم ورد ذلك في الكعبة وأنها كذلك من تخوم الأرض إلى عنان السماء (٢) ، إلاّ أنه ضعيف ، فهذا المعنى لم يثبت بدليل معتبر في البيت الحرام فضلاً عن المساجد.

(١) سيتضح الوجه في ذلك في ضمن المسألة الآتية فلاحظ.

كراهة حمل الميِّتين

المعروف بينهم كراهة حمل الميِّتين : الرجل والمرأة على سرير واحد. وقد استدل عليه بالمرسلة الناهية عن ذلك ، إلاّ أن الرواية مما لم يثبت لها أصل ، على أن الرواية لو كانت موجودة لا يمكن الاعتماد عليها لإرسالها.

نعم ورد في صحيحة محمد بن الحسن الصفار قال : « كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام : أيجوز أن يجعل الميِّتين على جنازة واحدة في موضع الحاجة وقلة الناس ، وإن كان الميِّتان رجلاً وامرأة يحملان على سرير واحد ويصلى عليهما؟ فوقع عليه‌السلام : لا يحمل الرجل مع المرأة على سرير واحد » (٣) وهي من حيث الدلالة والسند ظاهرة لا إشكال فيها.

__________________

(*) فيه منع ، بل الظاهر الجواز إذا كان القبر منبوشا.

(١) الوسائل ٤ : ٣٣٩ / أبواب القبلة ب ١٨ ح ٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٢٠٨ / أبواب الدّفن ب ٤٢ ح ١.

۳۸۳