نعم ، ورد في بعض الأخبار أنّ الميِّت يغسل بالماء والحُرُض أي الأشنان ثمّ بماء وكافور ثمّ بالماء القراح ، ومقتضى إطلاقها وسكوتها عن اعتبار الغسل بالسدر في مقام البيان عدم اعتبار الخلط به ، إلاّ أنّه لا بدّ من تقييده بما دلّ على اعتبار أن يكون الغسل في المرّة الأُولى بالسدر ، ففي صحيحة يعقوب بن يقطين قال : « سألت العبد الصالح عليه‌السلام عن غسل الميِّت أفيه وضوء الصلاة أم لا؟ فقال : غسل الميِّت تبدأ بمرافقه فيغسل بالحرض ثمّ يغسل وجهه ورأسه بالسدر ... » (١) ولا ينافي الأمر بتغسيل الميِّت بماء الحرض وجوب التغسيل بالسدر والكافور ، فهما ممّا لا بدّ منه في الخليط ، وليكن التغسيل بالحرض مأموراً به أيضاً.

وفي موثقة عمار بن موسى الساباطي بعد الأمر بالتغسيل بالسدر « وإن غسلت رأسه ولحيته بالخطمي فلا بأس » (٢) ولا يدل هذا على الغسل بالخطمي بدلاً عن الغسل بالسدر ، بل هو دفع لما قد يتوهّم من عدم جواز خلط الخطمي بالسدر في التغسيل بماء السدر كما هو المرسوم اليوم حيث يخلطون شيئاً من الخطمي في السدر فدفعه عليه‌السلام بأنّه لا بأس بخلط الخطمي في السدر أو بالتغسيل بالخطمي مستقلا ، فلا يوجب هذا الكلام خللاً في وجوب الغسل بالسدر.

وأمّا الغسل بالحرض فيحمل على الاستحباب ، وقد ورد ذلك في غير تلكم الروايات المتقدمة ففي بعضها : « تبدأ بمرافقه فيغسل بالحرض » وفي آخر : « أمرني أبو عبد الله عليه‌السلام أن أعصر بطنه ثمّ أوضيه بالأشنان » (٣) وذلك لصراحة الأخبار الواردة في المقام في وجوب التغسيل بالسدر والكافور والماء القراح ، وهي مع كونها واردة في مقام البيان ساكتة عن اعتبار الغسل بالأشنان.

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٤٨٣ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٧.

(٢) الوسائل ٢ / ٤٨٤ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ١٠.

(٣) الوسائل ٢ : ٤٨٤ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٨ ، والمنقول هنا في الوسائل موافق للإستبصار [ ١ : ٢٠٧ / ٧٢٩ ] ويأتي في ٤٩٣ / ب ٦ ح ٦ وفيه : ثمّ أوضيه ثمّ أغسله بالأشنان ... ، وهو الموافق لما في التهذيب [ ١ : ٣٠٣ / ٨٨٢ ].

۳۸۳