وناقش صاحب الوافي في حملها على التقية نظراً إلى أنهما اشتملتا على الأمر بالتكبيرات الخمسة وهو على خلاف التقية ، لأن العامة إنما يرون صلاة الميِّت أربع تكبيرات ومعه كيف يمكن حملهما على التقية (١).

وفيه : أن العامة بأجمعهم لم يكونوا ملتزمين بكونها أربع تكبيرات في تلكم العصور ، بل كان فيهم من يلتزم بالتخيير بين الأربع والخمس نظراً لما رواه من أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قد يصلِّي بأربع وأُخرى بخمس تكبيرات (٢) نعم صار القول بالأربع مشهوراً ومتسالماً عليه بينهم بعد حصر المذاهب في الأربعة. إذن فلا تكون الرواية الآمرة بخمس تكبيرات منافية للتقية ، لاحتمال اختياره عليه‌السلام الخمس عملاً بالتخيير ، هذا. على أنه يمكن أن تكون الرواية الواحدة ببعض جملاتها موافقة للعامة وببعضها الآخر مخالفة لهم فيعامل مع الأُولى معاملة الموافق للعامّة دون الثانية ، هذا.

وممّا ينبغي الإشارة إليه أنّا ذكرنا سابقاً (٣) أن التكبيرات الخمسة مقومة لصلاة الميِّت إلاّ أنه إذا زاد عليها سهواً فلا ينبغي الإشكال في عدم بطلانها بذلك ، إذ لا دليل على أن الزيادة مانعة عن الصلاة. وما ورد من أن من زاد في صلاته استقبل صلاته استقبالاً (٤) فهو مختص بالصلوات ذات الركوع والسجود.

ومن هنا يظهر أنه لو زاد على الخمس عمداً لا تبطل صلاته أيضاً لعدم الدليل عليه ، نعم إذا نوى الزيادة من الابتداء وقصد الإتيان بصلاة ذات ست تكبيرات بطلت ، إذ لا أمر بصلاة ذات ست تكبيرات فلا تتحقق منه نية الصلاة ، وأمّا إذا قصده في الأثناء ولا سيما بعد الخامسة فلا ينبغي الشبهة حينئذ في صحّة الصلاة.

__________________

(١) الوافي ٢٤ : ٤٥٤.

(٢) المغني ٢ : ٣٨٧.

(٣) في ص ٢٢٥.

(٤) الوسائل ٨ : ٢٣١ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٩.

۳۸۳