مضافاً إلى السيرة الجارية عليه ، حيث إن من البعيد بل لا نستعهد شخصاً مات ولم يخلف ديوناً في ذمّته ، ومعه لم ير التوقف في تجهيزه نظراً إلى أنّه مديون لا يمكن إخراج مئونة تجهيزه من ماله ، بل نراهم يقدمون على تجهيزه ودفنه من دون توقف على ذلك.

ويدلُّ عليه : مضافاً إلى التسالم والسيرة : الأخبار الآمرة بالغسل والكفن والتحنيط والتجهيز والدفن ، لورودها في مقام البيان وقد سكتت عن بيان مورد تلك المؤن وأنّها من مال الميِّت أو من أموال المسلمين ، وحيث لا يحتمل أن تكون المئونة في أموال المسلمين ، لما يأتي من عدم وجوب بذل الكفن أو غيره من لوازم تجهيز الميِّت على المسلمين وإنّما الواجب عليهم هو العمل لا بذل المال وإن كان بذل الكفن أمراً مستحبّاً ، يتعيّن أن يكون من مال نفسه إذا كان له مال.

وهذا يستفاد أيضاً من سكوت الأخبار البيانية ، وبهذه القرينة لا بدّ من حمل الكفن الوارد في المعتبرتين على المثال.

وظني أنّهم عليهم‌السلام إنّما اقتصروا على ذكر الكفن من جهة عدم توقف تجهيز الميِّت في عصورهم عليهم‌السلام على المال سوى الكفن. فانّ الماء كان مباحاً لا يبذل بإزائه المال ولا سيما في القرى والبوادي ، وكذا الأراضي كانت مباحة لا يؤخذ عليها المال ، وأمّا السدر والكافور فقليل ، ولم يبق إلاّ الكفن فقد كان يؤخذ عليه مال معتد به ، ولذا خصّوه عليهم‌السلام بالذكر ، وإلاّ فالكفن وغيره من المؤن تخرج من أصل التركة.

وتدلّ عليه موثقة الفضل قال : « سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام فقلت له : ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به أشتري له كفنه من الزكاة؟ فقال : أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الّذين يجهزونه. قلت : فان لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأُجهزه أنا من الزكاة؟ قال : كان أبي يقول : إنّ حرمة بدن المؤمن ميتاً كحرمته حيّاً ، فوار بدنه وعورته وجهّزه وكفّنه وحنّطه‌

۳۸۳