فصل
في أحكام الأموات‌

اعلم أن أهمّ الأُمور وأوجب الواجبات التوبة من المعاصي (١).


فصل في أحكام الأموات

وجوب التوبة من المعاصي‌

(١) وجوب التوبة عن المعاصي قد ثبت بالكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، فلا إشكال في وجوبها في الجملة.

وإنّما الكلام في أن وجوبها شرعي مولوي ، أو أنّه عقلي والأوامر الواردة بها في الكتاب والسنّة إرشادية إليه؟.

قد يقال بأنّها واجبة عقلاً والأوامر المتعلقة بها في الكتاب والسنّة إرشاد إلى حكم العقل ، وذلك لعدم إمكان حملها على المولوية وإلاّ كان ترك التوبة محرماً وتجب التوبة عنه ، وترك التوبة عنه أيضاً محرم فتجب التوبة عنه وهكذا إلى ما لا نهاية له ، فلا مناص من حمل الأمر بها على الإرشاد ، نظير الأوامر الواردة في الطاعة حيث حملناها على الإرشاد ، لأنّها لو كانت مولوية وكانت الإطاعة واجبة شرعاً لزم التسلسل بالتقريب المتقدِّم ، لأن إطاعة ذلك الأمر أيضاً تكون واجبة ومأموراً بها شرعاً فتجب إطاعته ، وهذا الوجوب الثاني أيضاً تجب إطاعته وهكذا إلى ما لا نهاية له فوجوب التوبة عقلي لا محالة.

والظاهر أنّ التوبة واجبة شرعاً والأوامر الواردة في الكتاب والسنّة مولوية ، وذلك لأنّ الوجه في حمل أوامر الطاعة على الإرشاد ليس هو المحذور المتوهّم من أن كونها مولوية يستلزم التسلسل ، وإلاّ يمكن الجواب عنه بأن حمل الأمر بالطاعة في الآية المباركة على المولوية والحكم بأنّها واجبة شرعاً أخذاً بظاهر الأمر ممّا لا محذور فيه وإنّما المحذور المتوهّم في كون إطاعة ذلك الأمر أيضاً مأموراً بها بالأمر المولوي ، أي‌

۴۲۴