ولا يخفى عليك ان الشيخ رحمه‌الله كأنه فهم من كلام النراقي : ان مجرى الاستصحابين هو المجعول. فأورد عليه بما عرفت ولكن عرفت في تقريب كلامه ان مركز استصحاب العدم هو الجعل ، ومركز استصحاب الوجود هو المجعول. وعليه فيمكن تصور جريان الاستصحابين معا في أنفسهما مع ملاحظة الزمان ظرفا لا مفردا ، ويتحقق التعارض حينئذ.

ومن هنا يظهر لك عدم ورود ما أفاده في الكفاية من : انه نظر تارة إلى تحكيم نظر العرف المسامحي في الموضوع ، فأجري استصحاب الوجود. وأخرى إلى تحكيم نظر العقل الدقي ، فأجري استصحاب العدم. والثابت هو اتباع النّظر العرفي ، فلا مجال لاستصحاب العدم (١).

ووجه عدم وروده : انه يتم لو كان المنظور في كلام النراقي كون مجرى استصحاب العدم واستصحاب الوجود شيئا واحدا وهو المجعول ، فلا يمكن ان يجري فيه الاستصحابان إلاّ بلحاظ اختلاف النظرين.

وقد عرفت ان منظور النراقي ليس ذلك ، بل مركز استصحاب العدم غير مركز استصحاب الوجود ، وهذا لا يتوقف على اختلاف النظرين ، بل يمكن ان يجريا مع كون المحكم هو نظر العرف المسامحي.

وبالجملة : إيراد الشيخ وإيراد الكفاية يبتنيان على أمر واحد قد عرفت عدم صحته ، وأن نظر كلام النراقي إلى غير ما فهما منه فلاحظ.

والتحقيق : ان ما أفاده النراقي وتبعه عليه السيد الخوئي بالتقريب المتقدم يبتني على أمور :

أحدها : ان استصحاب عدم الجعل مما يترتب عليه أثر عملي مباشر ، وإلاّ كان لغوا أو مثبتا.

__________________

(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤١٠ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۰۱