وقد يستفاد استناد الشيخ رحمهالله ـ في ترجيح كون قوله : « فانه على يقين ... » علة لا جزاء ـ على ما ورد من الجمل المشابهة لها التي قامت العلة مقام الجزاء فيها (١).
ولكن هذا قابل للدفع : باعتبار انه انما يلتزم في الأمثلة التي ذكرها الشيخ ونحوها بقيام العلة مقام الجزاء ، لا من جهة ظهور الكلام فيه ، ولو بواسطة كثرة الاستعمال فيه ، بل لعدم صلاحية مدخول الفاء لكونه جزاء.
وإلاّ كان هو الجزاء ـ وكثرة الاستعمال في العلية معارضة بكثرة استعمال مثل هذا التركيب في الجزاء أيضا ـ كما في قوله تعالى : ﴿ فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ ﴾(٢). وقوله تعالى : ﴿ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾(٣) وغيرهما.
فإذا كان مدخول الفاء فيما نحن فيه صالحا لكونه جزاء كما بيناه تعين حمله على ذلك ، لأن الالتزام بتقدير الجزاء وقيام العلة مقامه ، التزام بخلاف الظاهر ، فان التقدير على خلاف الأصل في الاستعمالات ، مع ان الفاء ظاهرة في كون مدخولها هو الجزاء ، فيتعين الالتزام بالاحتمال الثاني. وقد عرفت ان مقتضاه دلالة الرواية على الاستصحاب في غير باب الوضوء.
كما انك عرفت ان مقتضى الاحتمال الأول اختصاص الاستصحاب بباب الوضوء ، إلاّ ان الشيخ رحمهالله تصدى لإثبات العموم ببيان : ان اللام في قوله : « ولا ينقض اليقين ... » للجنس لا للعهد ، فتفيد قاعدة عامة لمطلق افراد اليقين والشك بلا اختصاص باليقين بالوضوء (٤).
ولكن يورد عليه بما أفيد من : انه لا أثر لدعوى كون اللام للجنس لا
__________________
(١) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٢٩ ـ الطبعة الأولى.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٢٢.
(٣) سورة يونس ، الآية : ١٠٦.
(٤) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٣٠ ـ الطبعة الأولى.