الأمارة بكلتا الناحيتين ، إذ غاية ما يستدل به على التنزيل المذكور أمور :

الأول : قوله تعالى : ﴿ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١) ، فان الظاهر منها ان السؤال في مقام يجب تحصيل العلم بالحكم ، وظاهره الاكتفاء بسؤال الواحد وإجابته في حصول العلم ، فكأنه قال : « اسألوهم ان كنتم لا تعلمون لكي تعلموا ». ولا يخفى ان إجابة الواحد لا توجب العلم الوجداني ، فلا بد ان يكون ذلك تنزيلا لخبر الواحد منزلة العلم.

الأمر الثاني : تعبير الإمام عليه‌السلام بـ : « عرف أحكامنا » في الرواية المقبولة : « انظروا ... » (٢) ، فان المشار إليه هو المجتهد. ولا يخفى ان معرفة الأحكام للمجتهد انما تكون بالطرق الظنية غير الموجبة للعلم ، فالتعبير عنه بـ : « عرف أحكامنا » لا بد ان يكون من باب تنزيل الطرق المؤدية إليها منزلة العلم.

الأمر الثالث : العقل ، فانه يحكم بامتناع اجتماع حكمين فعليين في مورد واحد ، فإذا قامت الأمارة على حكم كان فعليا بمقتضى دليل اعتبارها. وحينئذ يمتنع ان يكون هناك حكم فعلي آخر بمقتضى حكم العقل المذكور. فاحتمال الخلاف لما قامت عليه الأمارة منفي بدليل اعتبارها بمقتضى حكم العقل.

الأمر الرابع : بناء العقلاء على العمل بالأمارة وترتيب آثار العلم عليها من المنجزية والمعذرية ، فانه ينتزع عن ذلك تنزيلهم للأمارة منزلة العلم. وقد عرفت إمكان ذلك لعدم اشتراط كون دليل التنزيل لفظيا.

وهذه الأمور لا تفي بإثبات المدعى ..

أما الأمر الأول : فالخدشة في الاستدلال به من وجوه :

__________________

(١) سورة النمل ، الآية : ٤٢

(٢) وسائل الشيعة ١٨ ـ ٩٨ باب ١١ من أبواب صفات القاضي حديث ١.

۴۵۰۱