فلو كان المراد من اليقين في قوله : « ولكن تنقضه بيقين آخر » اليقين الوجداني ، لكان الكلام لغوا ، إذ النقض باليقين لا يحتاج إلى بيان وتنبيه ، لأنه مسلم لا ارتياب فيه.

ودعوى : ان قوله المذكور ليس مفاده الاستدراك وبيان ناقضية اليقين كي يشكل بلزوم اللغوية ، بل المراد منه حصر الناقض في اليقين (١).

مندفعة : بان : « لكن » ظاهرة في الاستدراك ، و « اليقين » ظاهر في اليقين الوجداني ، والجمع بين الظهورين ممتنع للزوم اللغوية ـ كما عرفت ـ ، فلا بد من التصرف في أحد الظهورين ..

إما في ظهور : « لكن » ، فيحمل الكلام على الحصر ، حيث ان المنفي هو خصوص النقض بالشك دون غيره من الأمور غير اليقينية ، فالمراد بيان انحصار الناقض باليقين ، ولذلك استفيد منه ان الشك أعم من تساوي الطرفين والظن والوهم.

واما في ظهور : « اليقين » بحمله على مطلق الحجة ، فيصح الاستدراك حينئذ كما لا يخفى.

وبمقتضى الوجوه المذكورة يتعين التصرف في ظهور اليقين ، ويبقى ظهور : « لكن » على حاله.

ولو أبيت الا عن الالتزام بتصادم الظهورين ، فالكلام يكون مجملا في مورد قيام حجة غير القطع على خلاف اليقين السابق ، إذ لا يعلم إرادة الصفة الوجدانية من اليقين ، فلا يجري الاستصحاب في ذلك المورد ، لعدم العلم بتحقق موضوعه ، فتبقى الأمارة بلا معارض.

وهذا وان لم يكن من الورود إلا انه نتيجة الورود.

__________________

(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٢٤٨ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۰۱