على تعيينه ـ من مصاديق النقض مصاديقه العرفية الحقيقية ، ومرجع صدق النقض حقيقة عرفا إلى تعيينه الموضوع ، فانه بعد ما يرى ان الموضوع هو كذا يرى ان رفع اليد عن الحالة السابقة نقض حقيقة ، فإذا اعتبر نظره في صدق النقض يكشف عن اعتبار نظره في التعيين (١).
ويشكل ما ذكره : بان نظر العرف في تعيين موضوع الحكم ان بلغ بحد يقطع بأنه المراد للشارع ، فهو يوجب التصرف في حجية لسان الدليل ، لأن الظاهر انما يكون حجة فيما إذا لم يحصل القطع بخلافه ، أو كان بمنزلة القرينة الحالية ، فهو يوجب التصرف في ظهور الدليل.
وكلا الفرضين خارجان عن محل الكلام ، لأن محل الكلام في الأخذ بالنظر العرفي مع بقاء لسان الدليل على ظهوره وحجيته كما عرفت. وان لم يبلغ حد القطع بل كان ظنيا ، فلا دليل على اعتبار هذا الظن لا شرعا ولا عقلائيا ، فلا يصح التمسك بالإطلاق والرجوع إلى العرف في مصداق النقض ، إذ لا دليل على اعتبار العقلاء للنظر العرفي في المصداق المبتني على الظن في تعين الموضوع.
وقد أفاد المحقق العراقي في المقام ما محصله : انه لا إشكال في احتياج إعمال الاستصحاب إلى نحو من المسامحة في إرجاع القضية المشكوكة إلى القضية المتيقنة ، لأن الإرجاع الحقيقي يستلزم تعلق الشك بما تعلق به اليقين ، وهو مفاد قاعدة اليقين لا الاستصحاب. ثم ان استفادة البقاء والاتحاد تارة : يكون من جهة انتزاعهما عن اعتبار وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة ، وكون متعلق الشك هو اليقين بالشيء ، فانه يقتضي نحوا من الاتحاد بين القضيتين كي ينتزع عنوان البقاء عنه. وأخرى : يكون من جهة إطلاق النقض في المقام المقابل للبقاء الصادق حقيقة على مجرد اتحادهما بأحد الأنظار.
__________________
(١) الأصفهاني المحقّق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ١٢٤ ـ الطبعة الأولى.