في مقابل النّظر بحسب لسان الدليل؟ ـ هذا السؤال الّذي يقرب صورته المحقق النائيني كما في أجود التقريرات : بأنه ـ.
ان أريد من الظهور بحسب الدليل ما يفهمه العرف من لفظ الدليل ، ولو كان الظهور التصديقي الحاصل من ضم اجزاء الكلام بعضها إلى بعض وملاحظة ما يكتنف به من القرائن المقالية أو الحالية ، بحيث يكون المراد من النّظر العرفي حينئذ هو المسامحات العرفية في مقام التطبيق ، فلا مجال لتوهم
__________________
الّذي يراد استصحابه ، فلو أريد من المعروض هو المعنى المصطلح لزم أن لا يعتبر بقاء زيد في استصحاب وجوب الإكرام وهو واضح البطلان. إذن فالمراد بالمعروض كل ما كان الحكم مرتبطا به وله إضافة إليه وتعلّق به ولو لم يكن مجعولا عليه.
فمثل زيد يكون كذلك فإنّ الحكم يضاف إليه بتوسّط إضافة متعلّقه ، وعلى هذا الأساس يعتبر بقاؤه ويكون انتفاؤه مخلا بصدق البقاء والنقض. وتشخيص ارتباط الحكم وإضافته.
تارة : يكون بواسطة ظهور اللفظ نظير المثال المزبور.
وأخرى : قد يكون بواسطة العرف القطعي وإن لم يظهر من الدليل كما لو قال : « أطعم زيد الفقير » فإنّ العرف بمرتكزاته يفهم أنّ المراد رفع حاجة الفقير ، فيكون المطلوب رفع حاجته ، فإذا زال الفقر عن زيد انتفى الموضوع فينتفي الحكم لأنّ الحكم مرتبط بالحاجة والفقر ومضاف إليها لأنّها متعلّق المتعلّق على الفرض ، وإن كان الظهور البدوي ليس كذلك.
وليس الأمر كذلك لو قال : « أطعم زيدا العالم » فإنّ العلم ليس كالفقر بنظر العرف فإذا زال أمكن استصحاب الحكم مع الشك لبقاء موضوعه وهو ذات زيد ، والعلم يعدّ من الحالات الطارئة عليه لا من مقوّماته المأخوذة في مقام ارتباط الحكم.
نعم في مثل ما إذا قال : « قلّد زيدا العام » يكون زوال العلم موجبا لزوال الحكم ، لأنّ العلم مما يضاف إليه الحكم ، إذ التقليد هو أخذ الرّأي واتّباع العلم فإذا زال العلم فقد زال المعروض.
وثالثة : قيد يكون بواسطة حكم العقل القطعي ، لتقوم التكليف بالتمييز والشعور ، لأنّه التحريك والبعث وهو يرتبط بالمميّز والشعور ، وليس كذلك الحال في عدم البلوغ. ولذا يصحّ استصحاب عدم التكليف الثابت في ظرف عدم البلوغ ، بخلاف العدم الثابت في ظرف عدم التمييز كالجنون.
ولا يخفى أنّ اتّباع العرف أو العقل في تشخيص ما يرتبط به الحكم إنّما هو فيما كان نظره قطعيّا أو يوجب الوثوق والاطمئنان بحيث يوجب التصرّف في ظهور الدليل ، وفيما عدا ذلك لا عبرة به إذا كان للدليل ظهور في شيء معيّن ، بل يتّبع ما هو ظاهر الدليل. ومع إجماله يشكل جريان الاستصحاب لأنّه يستلزم الشك في بقاء الموضوع. هذا تحقيق القول في هذه المسألة ، فلاحظ.