الموضوع في صحة الاستصحاب ، وان هذه المسامحة فيما نحن فيه وفي استصحاب الكرية مجدية أو لا فانتظر.
الوجه الثالث : ان يستصحب الوجوب النفسيّ الثابت سابقا ، ليثبت به وجوب هذه الاجزاء الباقية ، نظير استصحابه وجود الكرّ في الإناء لإثبات كرية الموجود فيه (١).
وقد يتوهم : بان هذا من القسم الثالث من استصحاب الكلي ، لأن الوجوب النفسيّ سابقا متعلق بمجموع الأجزاء ، فمع فقد أحد الأجزاء يشك في اتصاف الباقي بوجوب نفسي ، وهو فرد آخر غير ذلك الفرد الثابت سابقا ، فاستصحاب كلي الوجوب النفسيّ بلحاظ الشك في بقائه لاحتمال حدوث فرد آخر منه يكون من القسم الثالث من استصحاب الكلي.
ولكنه يندفع : بان الشك في كون الواجب بالوجوب النفسيّ هو هذه الأركان مع ما يتمكن من باقي الأجزاء أو مع باقي الأجزاء مطلقا ، فالشك في بقاء كلي الوجوب النفسيّ انما هو لتردد الفرد المحقق له بين ما هو باق قطعا وما هو مرتفع قطعا ، لا من جهة احتمال حدوث فرد آخر له مع العلم بارتفاع الفرد السابق ، فيرجع هذا الوجه من الاستصحاب إلى القسم الثاني من استصحاب الكلي.
ولكن الإشكال فيه واضح ، لأنه من الاستصحابات المثبتة كما لا يخفى.
تذييل : قد يفرق في جريان استصحاب الوجوب ـ على تقدير جريانه ـ بين تعذر الجزء بعد دخول الوقت وتنجز التكليف فيجري الاستصحاب المذكور. بين تعذره قبله فلا يجري لعدم ثبوت الوجوب واليقين به ، بل الشك في أصل حدوثه وتحققه لا في بقائه.
وقد نفي الشيخ رحمهالله الفرق بين الحالين ، لأن المستصحب هو
__________________
(١) هذا الوجه ذكره المحقق الأصفهاني في نهاية الدراية ٢ ـ ٢٩٧ ـ الطبعة الأولى.