أقول : تقدم منه في مبحث حجية خبر الواحد الاستدلال بالسيرة على حجية الخبر. ومناقشة دعوى ثبوت الردع عنها بالآيات الناهية عن العمل بغير العلم : بان رادعية الآيات للسيرة يستلزم الدور ، لأن الأخذ بعموم الآيات يتوقف على عدم تخصيصه بالسيرة ، وعدم تخصيصه بها يتوقف على ثبوت الردع عنها.
وذكر هناك : ان الالتزام بتخصيص العموم بالسيرة أيضا دوري ، لأنه يتوقف على عدم الردع عنها ، وهو يتوقف على تخصيص السيرة للعموم. لكنه ذكر : بان الدور وان تحقق من كلا الطرفين ، لكنه يكفي في الإمضاء عدم ثبوت الردع ولا يعتبر ثبوت عدمه (١).
وقد نسب إليه وجه آخر ذكره في الحاشية على قوله : « فتأمل » هناك. ملخصه : انه يمكن الرجوع في إثبات الإمضاء وعدم الردع إلى الاستصحاب ، إذ العمل بخير الواحد قبل نزول الآيات كان موردا للإمضاء ، فكان حجة ، فمع الشك في رادعية الآيات يستصحب حجيته (٢).
والخلاصة : ان له هناك وجهين لنفي رادعية الآيات وإثبات حجية السيرة :
أحدهما : عدم ثبوت الردع عنها بعد ثبوت الدور في تخصيص السيرة للعموم ، وفي عموم الآيات للسيرة لتوقف كل منهما على عدم الآخر.
والآخر : الرجوع إلى استصحاب الحجية الثانية قبل نزول الآيات الكريمة.
ولا يخفى ان التزامه بحجية السيرة القائمة على العمل بالخبر استنادا إلى الوجه الثاني لا ينافي عدم التزامه بحجية السيرة في باب الاستصحاب ، إذ لا يمكن الاستناد إلى الاستصحاب مع الشك في رادعية الآيات عن السيرة
__________________
(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٠٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٢) هامش كفاية الأصول ٢ ـ ١٠١.