الشك في ثبوت الحكم بعد زمان التخصيص لا يمكن التمسك لا بدليل العام ، لأنه انما يدل على ثبوت الحكم في الجملة. وقد ثبت. ولا بدليل الاستمرار ، لأن ثبوته فرع ثبوت الحكم ، والمفروض الشك فيه.
فعلى هذا ، حمل كلام الشيخ وانه تفصيل بين ما إذا أخذ الزمان ظرفا للمتعلق فيتمسك بالعموم ، وبين ما إذا أخذ ظرفا للحكم فلا يتمسك به. وان كان هذا الحمل خلاف الظاهر للعلم بعدم إرادة الشيخ للظاهر الّذي عرفته (١).
ولكن ما ذكره قدسسره ممنوع. بجهتيه : (٢) امّا الأولى : وهي ما استظهره من كلام الشيخ من التفصيل بين العام المجموعي والاستغراقي ـ والّذي أصر عليه السيد الخوئي وبنى على اشتباه أستاذه في التأويل ـ ، فان استظهاره لا وجه له ، لأن القسم الثاني الّذي ذكره
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٥٤٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
(٢) تحقيق الإشكال فيما أفاده ( قده ) : أنّ ما أفاده من عدم تكفّل الدليل الدّال على الحكم لاستمراره ، لتفرّع الاستمرار عن نفس الحكم يرد عليه أنّه خلط بين مقام الجعل والمجعول. فإنّ ما أفاده يمكن أن يقرّر في الجعل فإنّ استمرار الجعل متفرّع عن ثبوته ، فلا يمكن أن يتكفّل دليل ثبوت التشريع والجعل استمرار الجعل في نفس الوقت لأنّ مرجع استمرار الجعل إلى إدامة التشريع والثبات عليه وعدم نسخة وهذا لا يمكن أن يفرض إلاّ متأخّرا عن تحقّق الجعل والتشريع.
وأما في المجعول وهو الحكم فلا يتمّ ما أفاده فإنّه يمكن أن ينشأ الحكم المستمرّ في آن واحد بلا لزوم لإنشائه أوّلا ثم بيان استمراره ، نظير الملكية المستمرة المنشأ بدليل واحد وإنشاء واحد. وبعبارة أخرى إنّ المجعول يتبع كيفية جعله فقد يجعل في زمان خاص وقد يجعل في جميع الأزمنة بجعل واحد ، ولا يخفى أنّ محطّ الكلام فيما نحن فيه هو الحكم المجعول لا الجعل.
هذا مع أنّ ما أفاده غير تام في الجعل والتشريع أيضا وذلك لأنّ الجعل والتشريع ليس مدلولا للكلام والدليل ، بل هو فعل من أفعال الجاهل نظير أخباره ، فإنّ مدلول الكلام هو المخبر به لا الاخبار ، وإنّما الاخبار فعل خارجي يتحقّق بالكلام والاستعمال فنسبة الاخبار والجعل إلى الكلام نسبة المسبّب إلى السبب لا المدلول إلى الدليل.
وعليه فلا موضوع لأنّ يقال إنّ استمرار الجعل لا يمكن أن يتكفّله نفس الكلام الّذي يتكفّل ثبوت الجعل.