وصاحب الكفاية قدسسرهما ـ الّذي يدعى ظهوره في وحدة الحكم واستمراره ـ ، ولكنه بكلامه الأخير لا يخلو عن نظر (١)
__________________
[١] تحقيق الكلام في مناقشة المحقّق الأصفهاني (ره) وتصحيح ما أفاده الشيخ وصاحب الكفاية : أنّ الإطلاق تارة يراد به الإطلاق الاصطلاحي الراجع إلى ثبوت الحكم على الطبيعة بلا قيد وشرط ، فيستفاد إرادة جميع الحصص بمعونة مقدمات الحكمة. وأخرى يراد به ثبوت الحكم بالنسبة إلى مطلق الحصص لكن لا على أن يكون ذلك مستفادا من مقدمات الحكمة الراجعة إلى إثبات رفض القيود ، بل هو مستفاد من نفس الكلام لوضعه إلى جميع الحصص ، نظير دلالة لفظ « يوم » على جميع أجزاء النهار فإنّها ليست بالإطلاق المصطلح ، نعم يصحّ أن يقال إنّه يراد به مطلق أجزاء النهار بلا تقييد ، ولكن ذلك لا يعني أنّه يراد به التمسّك بمقدمات الحكمة بل من جهة أنّ « اليوم » اسم لجميع هذه الأجزاء من المبدأ إلى المنتهى. ومثل ذلك دلالة لفظ « قوم » على جميع الأفراد فإنّها تختلف عن دلالة لفظ العالم على إرادة جميع أفراد العالم ، فإنّ دلالة لفظ العالم على جميع أفراده بالإطلاق الاصطلاحي ومقدمات الحكمة بخلاف دلالة لفظ « قوم » فإنّه يدلّ على جميع الأفراد لوضعه إلى مجموع الأفراد ولذا يسمّى باسم الجمع ، والفرق بين هذين النحوين أنّ الدليل المقيّد في المورد الأول لا يتنافى مع مدلول الكلام وإنّما يستلزم إخراج الفرد عن مقتضى مقدمات الحكمة ، ويبقى الدليل المطلق حجة في سائر الحصص. أما في المورد الثاني فالدليل المقيّد يتنافى مع نفس المدلول رأسا ولذا قلنا ـ في مبحث العموم والخصوص ـ إنّه لو ورد ما يدل على إكرام عشرة علماء ثم ورد ما يدل على عدم إكرام واحد منهم كان الدليلان متعارضين لأنّ مدلول عشرة ليس هو الطبيعة بل مجموع الافراد رأسا ، ولأجل ذلك لم تكن من أفراد العموم.
فلو ورد ما يدل على مجيء القوم ، ثم ورد ما يدل على عدم مجيء واحد منهم كزيد كان الدليلان متعارضين.
نعم حيث أنّ مثل القوم يستعمل في البعض مسامحة يحمل لفظ : « القوم » في مثل « جاء القوم إلاّ زيدا » مما يعلم إرادة البعض مسامحة لأنّه يكون له ظهور ثانوي في ذلك ومثله ما لو كان المخصّص منفصلا وبذلك يختلف عن مثل لفظ : « عشرة » فإنّه ليس له ظهور ثانوي في الأقل ولذا يستقرّ التعارض بين دليل إكرام العشرة ودليل عدم إكرام واحد منهم. وكيف كان فالتمسك بمثل لفظ القوم في غير مورد الاستثناء ليس من جهة الرجوع إلى الإطلاق في غير مورد التقييد بل من جهة الرجوع إلى الظهور الثانوي المحمول عليه الكلام بقرينة ما هو أظهر منه.
وإذا اتّضح ما ذكرناه : فاعلم أنّ الدليل الدال على استمرار الحكم في الحصص الزمانية ـ بعنوان الاستمرار ـ سواء كان بنحو المعنى الاسمي كأن يقول : « يجب الجلوس مستمرا إلى الغروب » أو بنحو المعنى الحرفي كأن يقول : « يجب الجلوس من الآن إلى الغروب » لا يدل على ثبوت الحكم في جميع أجزاء الزمان المفروض بالإطلاق ومقدمات الحكمة بل بمدلوله الوضعي نظير لفظ « اليوم » الدال على أجزاء.