والمراد من زماني الشك واليقين هنا المعتبر اتصالهما هو المشكوك زمانا والمتيقن ، لا نفس صفة الشك واليقين. وهذا عند من يقول بكون كل من الشك واليقين في الروايات مأخوذا بنحو المرآتية عن المتيقن والمشكوك ـ كما عليه الشيخ رحمه‌الله (١) ـ فواضح. واما عند من يقول بان المراد منهما في الروايات صفتا اليقين والشك دون المتيقن والمشكوك ، فلأنه لا إشكال في عدم اعتبار تقدم زمان نفس اليقين على الشك ، فقد يتقدم الشك على اليقين ، وانما يصحح نسبة النقض إلى اليقين بلحاظ انتقاض المتيقن.

والوجه في اعتبار اتصال المشكوك بالمتيقن زمانا ، هو دخله في تحقق صدق النقض ، إذ بدون الاتصال لا يصدق النقض المنهي عنه. بيان ذلك : ان النقض انما يصدق في صورة ما إذا كان متعلق الشك ومتعلق اليقين أمرا واحدا مع إلغاء خصوصية الزمان الموجبة لتعلق الشك في البقاء واليقين بالحدوث ، بمعنى انه إذا غض النّظر عن اختلاف المتعلقين زمانا كانا أمرا واحدا ، وعند ذلك يصدق النقض عند عدم العمل بالمتيقن. ومع انفصال زمان المشكوك عن زمان المتيقن لا يتحقق النقض لعدم كون المتيقن والمشكوك أمرا واحدا حتى مع إلغاء خصوصية الزمان ، فمثلا لو علمنا بعدالة زيد عند الصباح ثم علمنا بفسقه حين الزوال ، ثم شككنا بعدالته بعد الزوال ، فالحكم بعدم عدالته بعد الزوال لا يعد نقضا لليقين بعدالته حين الصباح ولو مسامحة كي يشمله دليل : « لا تنقض » ، لأن المشكوك غير المتيقن. فالنقض لا يصدق بعد انفصال زمان الشك عن زمان اليقين ، بل انما يصدق في صورة اتصالهما.

وعليه ، فلا بد من اعتبار الاتصال كي يصدق النقض في مورده ، فيكون مشمولا للنهي العام. ولأجل ذلك لم تجر أدلة الاستصحاب مع الشك في الاتصال

__________________

(١) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٣٦ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۰۱