الوجه الثاني : ما أفاده الشيخ رحمه‌الله من : ان استصحاب الحرمة المعلقة حاكم على استصحاب الحلية المطلقة ، وعلل ذلك : بان الشك في الحلية مسبب عن الشك في الحرمة المعلقة ، فيكون الاستصحاب في الحرمة سببيا والاستصحاب في الحلية مسببا ، والأصل السببي حاكم على الأصل المسببي (١).

وقد ذكر هذا الوجه المحقق النائيني رحمه‌الله وقد أورد عليه في بعض الكلمات : بأنه لا سببية ومسببية بين الحرمة المعلقة والحلية المطلقة ، بل هما حكمان متضادان يعلم إجمالا بثبوت أحدهما ، فهما في مرتبة واحدة. هذا مع انه لو سلمت السببية والترتب بينهما فهو ليس بشرعي بل عقلي ، فان ثبوت الحرمة المعلقة لازمها عقلا عدم الحلية على تقدير الغليان ، لا بحكم الشارع (٢).

والتحقيق : ان استصحاب الحرمة المعلقة وان لم يكن سببيا بلحاظ استصحاب الحلية لما ذكر ، إلاّ انه مقدم عليه بنفس ملاك تقدم الأصل السببي على الأصل المسببي.

وتوضيح ذلك : ان ملاك تقدم الأصل السببي على الأصل المسببي هو ما أشير إليه في الكفاية (٣) وأوضحناه في محله من : ان العمل بالأصل السببي لا يلزم منه محذور ، إلاّ ان الأخذ بالأصل المسببي ورفع اليد عن السببي اما ان يكون بلا وجه أو بوجه دائر ، لأن الأخذ به مبني على عدم جريان الأصل السببي الرافع لموضوعه ، وهو متوقف على تخصيص دليله بواسطة العلم بالأصل المسببي فيلزم الدور.

وهذا الملاك يجري فيما نحن فيه ، فان استصحاب الحرمة التعليقية الجاري قبل الغليان يلزمه ترتب الحرمة عند الغليان ، وهذه الملازمة وان كانت

__________________

(١) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٨٠ الطبعة الأولى.

(٢) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٤٧٣ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٣) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤٣١ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۰۱