ولكن للمناقشة فيه مجال واسع ، فانه مخالف لظواهر الأدلة ، كأدلة اشتراط الوقت في الصلاة (١) ، ودليل الصوم الظاهر في لزوم كون الصوم في رمضان ، كقوله تعالى : ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾(٢).
الوجه الثاني : ما أفاده العراقي رحمهالله أيضا واختص به من : انه كما يمكن استصحاب بقاء النهار بفرض الوحدة العرفية بين الأجزاء المتدرجة في الوجود ، كذلك يمكن استصحاب نهارية الموجود ، فان وصف النهارية من الأوصاف التدريجية كذات الموصوف ويكون حادثا بحدوث الآنات وباقيا ببقائها ، فإذا اتصف بعض هذه الآنات بالنهارية وشك في اتصاف الزمان الحاضر بها يجري استصحاب بقاء النهارية الثابتة للزمان السابق لغرض وحدة الموصوف ، فيكون الشك شكا بالبقاء (٣).
وما أفاده قدسسره لا يمكن البناء عليه لأمرين :
الأول : ان وصف النهارية ونحوها ليس أمرا آخر وراء ذوات الآنات الواقعة بين المبدأ والمنتهى ، فلفظ النهار لا يعبر إلا عن تلك الذات لا عن عرض قائم بالذات غيرها ، فهو اسم للذات لا وصف لها ، فهو نظير لفظ زيد بالنسبة إلى ذاته ، ولفظ حجر إلى ذات الحجر ، لا نظير عالم بالنسبة إلى زيد.
وعليه ، فلا معنى لإجراء الاستصحاب في وصف النهارية منضما إلى استصحاب نفس الذات النهارية ، فانه من قبيل استصحاب وجود زيد واستصحاب زيديته لا من قبيل استصحابه واستصحاب عالميته.
هذا مضافا إلى انه لو فرض كون وصف النهار من قبيل العنوان لا من قبيل الاسم ، فمن الواضح ان النهارية تتقوم بكون الزمان بين المبدأ والمنتهى
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ٧٨ ـ أبواب المواقيت.
(٢) سورة البقرة الآية. ١٨٥.
(٣) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ١٤٩ ـ القسم الأول طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.