واما لأجل امتناع الشك في البقاء ، لأن الموضوع ان كان موجودا كان الحكم موجودا لا محالة ، وان لم يكن موجودا ارتفع الحكم لا محالة ، لارتفاع الحكم بعدم موضوعه ، فلو فرض ثبوت حكم شرعي والحال هذه فهو حكم جديد حادث لموضوع جديد ، لا بقاء لذلك الحكم.
وهذا التقريب يمكن رده :
اما دعوى ان الشك في بقاء الحكم لا بد وان يكون ناشئا من الشك في بقاء الموضوع بسبب احتمال تغير بعض ما له دخل في الحكم. فتندفع : بان الموضوع الّذي يعتبر بقاؤه في جريان الاستصحاب هو الموضوع العرفي وما يراه العرف معروضا للحكم بحسب مناسباته الذهنية دون الموضوع الدقي العقلي وهو كل ما له دخل في الحكم.
ومن الواضح ان الموضوع بنظر العرف قد يكون باقيا حتى مع الجزم بزوال بعض الخصوصيات الملحوظة في حدوث الحكم ، فضلا عن صورة احتمال زوالها ، لأنها بنظره جهة تعليلية لا تقييدية.
واما دعوى امتناع الشك في البقاء بالبيان المتقدم. فتندفع بما أفاده في الكفاية وتبعه غيره من ان زوال حكم العقل بزوال بعض الخصوصيات المقومة للحكم بنظره لا يستلزم زوال حكم الشرع في تلك الحال ، لاحتمال انّ الخصوصية الزائلة غير دخيلة في ملاك الحكم واقعا ، وقد اطلع الشارع على ذلك لإحاطته بالأمور فيكون حكمه باقيا لبقاء ملاكه ، ولم يطلع العقل عليه لقصور إدراكه فلم يحكم عند زوالها. ولا ينافي ذلك الالتزام بالملازمة بين الحكمين ، إذ المقصود بها الملازمة بينهما في مقام الإثبات لا مقام الثبوت ، فلا يمتنع ان يحكم الشارع بشيء من دون ان يحكم به العقل ، فتدبر (١).
__________________
(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٨٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.