إجراء الاستصحاب لفقدانه ركنه (١).

وهذا الوجه يبتني على ما التزم به من ان العلم الإجمالي يتعلق بالجامع ولا يسري إلى الخارج. ولكن عرفت فيما تقدم ان العلم الإجمالي وان تعلق بالجامع لكنه يرتبط بالخارج ويسري إليه ، بحيث لو انفتح له باب العلم التفصيليّ لأمكنه انه يقول هذا هو معلومي بالإجمال. وبعبارة أخرى : انه يعلم بالتفصيل بوجود ما هو منطبق العنوان الجامع في الخارج ، وانما يجهل خصوصيته وما يميزه عن الفرد الآخر ، فقد يسمع كلاما من متكلم يتردد امره بين زيد وعمرو ، فهو قد تعلق علمه بشخص جزئي وهو المتكلم ـ إذ التكلم لا يصدر إلاّ من فرد جزئي ـ ، لكنه يتردد بين شخصين لدى العالم نفسه لجهله بما يميز زيد عن عمرو أو لجهله بأنه واجد لمميزات زيد أو مميزات عمرو.

وبالجملة : المعلوم بالإجمال له وجود واقعي معين ، وانما التردد لدى العالم نفسه في كونه هذا أو ذاك فلدينا علم تفصيلي بالوجود الشخصي ، لكن بنحو مجمل وهذا ما يجعله علما إجماليا. اذن فالفرد الواقعي على واقعه المردد بين فردين خاصين ، يكون متعلقا للعلم بهذا المقدار لا أكثر ، فيكون مجرى للاستصحاب بهذا المقدار.

وقد عرفت ان هذا العلم بهذا الحد علم تفصيلي لكن المعلوم محدود ، فلا أثر لدعوى ان المراد باليقين في باب الاستصحاب هو خصوص اليقين التفصيليّ فلا يشمل اليقين الإجمالي.

مع ان هذه الدعوى ممنوعة أشد المنع بعد فرض شمول مفهوم اليقين لكلا فرديه التفصيليّ والإجمالي ، وفرض منجزية العلم الإجمالي كالتفصيلي.

والخلاصة : ان ما أفاده قدس‌سره لا يمكن قبوله ، وقد مر في بيان

__________________

(١) الأصفهاني المحقّق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ٧١ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۰۱