واما ما كان دخيلا في التكليف ، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه لعدم كونه بيد الشارع ولو بالتبع كما عرفت ، ولا يترتب عليه شرعا حكم شرعي ، إذ التكليف وان كان مترتبا عليه إلاّ انه ليس بترتب شرعي. هذا ما أفيد في الكفاية (١).

ولكن الحق انه لا مجال لجريان الاستصحاب في مثل الجزئية مما كان منتزعا عن التكليف ومجعولا بالتبع ، لأن وصول النوبة إلى إجراء الأصل في الجزئية وجودا أو عدما انما هو فيما إذا لم يكن منشأ انتزاعهما ـ وهو الأمر النفسيّ المتعلق بالكل ـ مجرى للأصل ، لقصور في المقتضي أو لوجود المانع ، كما في موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر وعدم انحلال العلم الإجمالي فيه ، كما هو مبنى صاحب الكفاية ، إذ أصالة عدم الأمر بالأكثر معارضة بأصالة عدم الأمر بالأقل. واما مع إمكان جريان الأصل فيه ، فلا مجال للأصل في الجزئية.

وعليه ، فنقول : ان الأمر الانتزاعي حيث انه لا وجود له الا في ضمن منشأ انتزاعه ولا مطابق له خارجا سواه ، وإلاّ فهو أشبه بالفرض ، فلا يقبل الجعل وجودا وعدما إلاّ بلحاظ تعلق الجعل وعدمه بمنشإ انتزاعه ، والمفروض انه ـ أي منشأ الانتزاع ـ لا يصح ان يكون مجرى للأصل وللتعبد.

وإلاّ استغني بالتعبد به عن التعبد بما ينتزع عنه.

هذا إذا كان مفاد دليل الاستصحاب هو التعبد ببقاء المتيقن.

واما إذا كان مفاده هو معاملته البقاء من دون تقيّد للتعبد به ، بل هو إرشاد اما إلى التعبد به كما لو كان حكما ، أو إلى التعبد بأثره كما لو كان موضوعا ، فقد يقال انه يشمل الجزئية ويكون مقتضاه وقوع التعبد بما يلازمها ، وهو منشأ انتزاعها.

__________________

(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤٠٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۰۱