والرافعية لما هو سبب التكليف وشرطه ومانعة ورافعه ، كسببية الدلوك لوجوب الصلاة ، فانها غير مجعولة للدلوك لا استقلالا ولا تبعا. واستدل على ذلك بوجهين :

الأول : انه لا يعقل ان تكون السببية ونحوها منتزعة عن التكليف لتأخره عنها ، فإذا كانت منتزعة عنه لزم تأخرها عنه وهو خلف.

وهذا الوجه ـ كما لا يخفى ـ يتكفل نفي الجعل التبعي.

الوجه الثاني : ان سببية الشيء ـ كالدلوك ـ للتكليف لا بد ان تكون ناشئة عن خصوصية في ذات السبب تستدعي ترتب التكليف عليه ضرورة اعتبار ان يكون في العلة باجزائها ربط خاص تكون بسببه مؤثرة في المعلول دون غيره لا يكون غيرها مؤثرا فيه ، ولو لا ذلك لزم ان يؤثر كل شيء في كل شيء ، وهو ضروري البطلان.

ومن الواضح ان تلك الخصوصية المستلزمة لتأثير ذيها في التكليف خصوصية تكوينية لا تناط بجعل السببية ، فانها ان كانت موجودة لم يحتج إلى الإنشاء ولا أثر له ، وان لم تكن موجودة لم توجد بسبب إنشاء السببية ، فالجعل وجودا وعدما لا تأثير له في وجود الخصوصية وعدمها ، وعلى هذا تكون السببية منتزعة عن أمر تكويني لا دخل للجعل فيه أصلا.

وهذا الوجه ينفي الجعل الاستقلالي كما ينفي الجعل التبعي كما لا يخفى (١).

أقول : لا إشكال في ان السببية للتكليف ونحوها لا يتعلق بها الجعل الاستقلالي مع غض النّظر عما أفاده قدس‌سره ـ وان كان تاما على ما يأتي تحقيقه ـ ، وذلك للغوية جعل السببية ، وذلك لأنه حين يجعل السببية للدلوك لا

__________________

(١) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٤٠٠ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۰۱