لا يستقيم إلاّ بان يراد عدم جعل اليقين السابق مزاحما بالشك ، وهو عين الاستصحاب (١).
وقد يناقش في دلالتها بوجوه :
الأول : ان المراد باليقين ليس هو اليقين بعدم دخول شهر رمضان ، بل يراد به اليقين بدخول رمضان ، فيكون المراد ان اليقين بدخول رمضان الّذي يعتبر في صحة الصوم لا يدخله الشك ، بمعنى لا يدخل في حكمه الشك ، ولا يترتب عليه أثر اليقين ، فلا يجوز صوم الشك من رمضان ، والقرينة على ذلك هو تواتر الاخبار على اعتبار اليقين بدخول رمضان في صحة الصوم ، فيكون موجبا لظهور الرواية في ذلك ، وبذلك تكون أجنبية بالمرة عن الاستصحاب. وهذا الوجه يستفاد من الكفاية (٢).
ولكن يرد عليه : ان مجرد ثبوت الحكم المزبور ـ أعني اعتبار اليقين بدخول رمضان في صحة الصوم ـ في الروايات المتواترة لا يصلح قرينة على صرف هذه الرواية عن ظهورها في الاستصحاب ، إذ لا منافاة بين الحكمين. وهي في حد نفسها ظاهرة في ثبوت اليقين والشك فعلا ، وهذا يتناسب مع الاستصحاب ولا يتناسب مع البيان المزبور ، لعدم اليقين الفعلي بحسب الفرض.
الوجه الثاني : ما أفاده المحقق العراقي من : عدم إمكان تطبيق الاستصحاب فيما نحن فيه ، لأن وجوب الصوم مترتب على ثبوت كون النهار المشكوك من رمضان بنحو مفاد كان الناقصة ، ومن الواضح ان استصحاب بقاء شعبان أو بقاء رمضان لا يثبت ان هذا النهار من شعبان أو من رمضان إلاّ بالملازمة.
__________________
(١) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٣٤ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الخراسانيّ المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٩٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.