التعرض لكل مقدمة والبحث فيها على حدّة. فنقول :

اما المقدمة الأولى ـ وهو حديث تضاد الأحكام : فهو محل الخلاف.

والأقوال فيه متعددة :

أحدها : وهو ظاهر الكفاية هنا ، انها متضادة بنفسها مع غضّ النّظر عن المبدأ والمنتهى.

ثانيها : انه لا تضاد بينها كذلك ، فان الإنشاء خفيف المئونة ولا مانع من إنشاء الحكمين ، وانما التضاد بينها ينشأ من جهة المبدأ والمنتهى. وهو ظاهر ، بل صريح الكفاية في مبحث الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري (١).

ثالثها : انه لا تضاد بينها أصلا ، وانما التنافي بينها ينشأ من جهة المنتهى ، يعني من جهة مقام الامتثال ، وهو لا يوجب التضاد واستحالة اجتماعها في أنفسها. وهو الّذي التزم به المحقق الأصفهاني في حاشيته على الكفاية (٢).

ولمعرفة ما هو الحق ينبغي ان نستعرض مراحل الحكم ، وهي أربعة :

المرحلة الأولى : مرحلة وجود المصلحة في الفعل أو المفسدة فيه الموجب لحدوث الإرادة أو الكراهة ، وهي المرحلة الثانية.

والمرحلة الثالثة : مرحلة إبراز المولى هذه الإرادة أو الكراهة بمبرز ، ويعبر عنها بمرحلة إنشاء الحكم.

والمرحلة الرابعة : مرحلة فعلية الحكم ووصوله إلى حدّ الداعويّة والتحريك.

اما المرحلة الأولى ـ أعني مرحلة وجود المصلحة أو المفسدة ـ : فقد يدعي تحقق التضاد بدعوى امتناع اجتماع المصلحة والمفسدة في فعل واحد ، لأنها من

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٧٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٧٠ ـ الطبعة الأولى.

۴۸۰۱