ولكن هذا الوجه ـ لو سلم جواز الاستناد إليه مع غض النّظر عن عدم الدليل على اعتبار النّظر العرفي ـ لا يمكن البناء على تماميته فانه غير مطّرد ، إذ قد يكون ذلك المقدار الفائت من المصلحة أهمّ في نظر العرف وأشد أثرا من نفس المصلحة الأخرى المتحفظ بها بتمامها ، فيقدم عليها لا محالة. مثال ذلك عرفا : إذا كان الشخص يملك عباءة وقباءين ، أحدهما جديد والآخر متهرئ عتيق. وكان ملزما بلبس العباءة والقباء الجديد ، ولكنه مع عدم التمكن من لبس القباء الجديد ، كان عليه أن يلبس القباء المتهرئ ، إذ لا يمكنه أن يبقى من دون قباء ، فإذا دار أمره بين ان يتلف العباءة ، فيلبس القباء الجديد بلا عباءة ، أو يتلف القباء الجديد ويلبس القباء المتهرئ مع العباءة ، لكن كان الهوان الّذي يلحقه ونظرة الازدراء التي تلاحقه من لبس القباء أكثر مما كان في لبس القباء الجديد بلا عباءة ، فانه في هذا الحال يلزمه عرفا إتلاف العباءة مع عدم وجود البدل لها وإبقاء الجديد مع وجود البدل له. فالتفت.
فالوجه الصحيح في التقديم هو : ان ما يكون له بدل في طوله يكون وجوبه مقيّدا بالقدرة الشرعيّة ، فيكون المورد من مصاديق المرجح الثاني وهو ما إذا كان أحد الحكمين مقيّدا بالقدرة الشرعية والآخر غير مقيد بها ، فان غير المقيد بها يقدم على ما هو مقيّد بها كما سيأتي بيانه. فتحصل ممّا ذكرنا : ان المرجح الأول ليس من المرجحات لأن الصورة الأولى خارجة عن باب التزاحم والصورة الثانية داخلة في مصاديق المرجح الثاني ، ولا تكون جهة عدم البدلية مرجحة. فلاحظ.
ثم انه قدسسره تعرض لفرع فقهي وهو ما إذا دار امر المكلف بالصلاة بين إدراك تمام الوقت مع الطهارة الترابية وعدم إدراك تمامه مع الطهارة المائية. والتزم بترجيح الأول على الثاني ببيان : ان الطهارة المائية لها بدل وهو الطهارة الترابية بخلاف تمام الوقت فانه لا بدل له. وقد عرفت تقديم ما لا بدل له على ما له