أقسام الوجوب والتحريم لعموم ملاكه ، وتأتي النقض والإبرام في جميع الأقسام.
وقد ذكر ذلك صاحب الكفاية ، كما تعرّض إلى أنه قد يدّعى انصراف لفظ الأمر والنهي المأخوذين في عنوان المبحث إلى خصوص النفسيين التعيينيين العينيين ثم حكم عليها بأنها دعوى تعسفية في مادة الأمر والنهي ، نعم هي غير بعيدة في صيغة الأمر والنّهي ، ثمّ منعها فيها أيضا وذكر ان الثابت ظهور الصيغة في ذلك بالإطلاق وهو غير منعقد هنا لعدم تماميّة مقدّمات الحكمة ، إذ القرينة على العموم ثابتة وهي عموم الملاك وجريان النقض والإبرام في جميع الأقسام (١).
أقول : ظاهر كلامه الأخير ان إطلاق المادّة يقتضي في نفسه إرادة الوجوب النفسيّ التعييني العيني لو لا قيام القرينة على الخلاف ، إذ جعل المانع عدم تماميّة المقدّمات باعتبار وجود القرينة بحيث لولاها لالتزم بإرادة خصوص النفسيّ التعييني العيني.
وهو ـ مضافا إلى منافاته لما في صدر كلامه من ان قضيّة إطلاق لفظ الأمر والنهي العموم ـ باطل ، فان إطلاق المادّة في نفسه لا يقتضي خصوص نحو من الوجوب ، وانما ذلك ثابت في إطلاق الصيغة. والسّر فيه : ان مادّة الأمر تارة تستعمل في مقام الإنشاء وأخرى في مقام الاخبار. والالتزام بأنها تدلّ على الطلب النفسيّ التعييني العيني بمقتضى الإطلاق إذا كانت مستعملة في مقام الإنشاء لا يلازم الالتزام بان مقتضاه ذلك في باب الاخبار ، إذ ليس المقصود في باب الإنشاء إلاّ إيجاد فرد من افراد الوجوب ، وقد عرفت فيما تقدّم ان مقتضى الإطلاق يلازم إرادة النفسيّ التعييني العيني. اما باب الإخبار فيمكن أن يقصد الحكم على الطبيعة بلحاظ جميع افرادها ـ كما فيما نحن فيه ـ ، فمع عدم القرينة يحمل الكلام على إرادة جميع الأفراد ، كما هو الحال في سائر الألفاظ الموضوعة للطبائع
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٥٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.