التخلف عن ذلك ، فلا يكون الطلب التخييري صالحا للداعوية بعد إن كان الإتيان بأحدهما قهريا ، فيكون لغوا (١).

ولإيضاح المطلب نقول : ان أحد العملين إذا كان مما لا بد من تحققه ، وحينئذ يكون تحصيل المقدار المعين من الغرض والمصلحة قهريا ، فلا وجه لتصدي المولى للأمر ليصير داعيا إلى ما يحصّل ذلك المقدار من الغرض. بل (١) يمتنع على العبد قصد التقرب بالعمل ، إذ المقدار الخاصّ من المصلحة لا يتمكن من التخلف عن تركه كي يكون إتيانه به بقصد القربة ، فانه يتحقق منه لا محالة.

إذا عرفت ذلك ، فما نحن فيه من هذا القبيل ، فان الفعل والترك نقيضان ، فإذا كان كل منهما مشتملا على المصلحة ، فإذا كانت مصلحة أحدهما أرجح تعين الأمر به ولم يكن الآخر مما يقبل المقربية ، لما عرفت من ان حصول المقدار المشترك قهري فلا يتجه قصد التقرب به. وهو خلاف ما أفاده صاحب الكفاية ، إذ ذهب إلى صحة الفعل وان كان الترك أرجح ، وإلاّ لم يكن هناك طلب تخييري ، بل نتيجة ملاحظة تساوي المصلحتين هو إباحة العمل لا الإلزام بالفعل أو الترك. فالتفت.

وناقشه السيد الخوئي : بان المورد ليس من موارد كون المتزاحمين مما لا ثالث لهما بل مما لهما ثالث.

بيان ذلك : ان العمل الراجح إنما هو الحصة الخاصة من الطبيعي لا نفس الطبيعي ، وتلك الحصة هي العمل بقصد القربة ، فالصوم المشتمل على المصلحة

__________________

(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٣٦٤ ـ الطبعة الأولى.

(٢) إشارة إلى دفع ما يقال من : انه وإن امتنع الإلزام التخييري ، إلا ان النتيجة واحدة لصحة الإتيان بكل منهما بنحو عبادي لاشتماله على الملاك المقرب ، فلا يكون المورد من قبيل موارد الإباحة. فالتفت. ( منه عفي عنه ).

۴۸۰۱