وبما انه يمنع اجتماع المصلحة الراجحة والمفسدة الراجحة في شيء واحد فلا إشكال في مثل هذه الحال في امتناع اجتماع الحكمين.
ثانيهما : ان الخصوصية إذا كانت دخيلة في صيرورة الفعل ذا مصلحة ، فذلك يقتضي أنها عند وجودها يصير الفعل كذلك ، وحينئذ تنشأ الإرادة والكراهة والحب والبغض ، ومن الواضح انه يمتنع ان يكون نفس الخصوصية متعلقة للحب والبغض حينئذ لوجودها خارجا ، فالمتعلق انما هو نفس الفعل بلحاظ مصلحته أو مفسدته الخاصة به فيمتنع اجتماع الحكمين فيه. كما عرفت.
إذا عرفت ذلك تعرف ان الفعل الواحد المضاف إلى عنوانين اشتقاقيين خارج عن دائرة النزاع ، لأن كلا من الخصوصيّتين لا يكون متعلقا للرغبة والكراهة ، لأنهما مما يكونان دخيلا في اتصاف الفعل بالمصلحة والمفسدة لأخذهما في موضوع الحكم وهو يقتضي ذلك.
ولأجل ذلك لم يتوقف أحد في كون مثل : « أكرم العالم ولا تكرم الفاسق » متعارضين في العالم الفاسق مع تعدد خصوصية الإكرام بلحاظ تعدد العنوان.
واما النحو الثاني : فهو محلّ الكلام ، والبحث فيه في صور :
الأولى : ان تكون المصلحة الراجحة في ذات العمل والمفسدة الراجحة في الخصوصية بنفسها أو بالعكس.
الثانية : ان تكون إحداهما في خصوصية والأخرى في خصوصية ثانية.
الثالثة : ان تكون في ذات العمل مصلحة راجحة وفي المجموع من الذات والخصوصية مفسدة راجحة أو بالعكس.
الرابعة : ان تكون إحداهما في نفس الخصوصية والأخرى في المجموع.
الخامسة : ان يكون في المجموع مصلحة راجحة وفيه أيضا مفسدة راجحة ، بحيث يكون كل من العمل والمفسدة ذا مصلحة ومفسدة ضمنيتين.
فيقع الكلام في إمكان هذه الصور ونتيجة ذلك.