ودعوى : أنّ أخذه الخراج من أرض الخراج أقلّ فساداً من أخذه من غيرها ، توهّمٌ ؛ لأنّ مناط الحرمة في المقامين واحد ، وهو أخذ مال الغير من غير استحقاق ، واشتغال ذمّة المأخوذ منه بأُجرة الأرض الخراجية وعدمه في غيرها لا يهوّن الفساد.
نعم ، بينهما فرق من حيث الحكم المتعلّق بفعل غير السلطان ، وهو مَن يقع في يده شيء من الخراج بمعاوضة أو تبرّع ، فَيَحِلُّ في الأرض الخراجيّة دون غيرها ، مع أنّه لا دليل على وجوب حمل الفاسد على الأقلّ فساداً إذا لم يتعدّد عنوان الفساد كما لو دار الأمر بين الزنا مكرِهاً للمرأة ، وبين الزنا برضائها ؛ حيث إنّ الظلم محرّم آخر غير الزنا ، بخلاف ما نحن فيه مع أنّ أصالة الصحة لا تثبت الموضوع ، وهو كون الأرض خراجية.
إلاّ أن يقال : إنّ المقصود ترتّب آثار الأخذ الذي هو أقلّ فساداً ، وهو حِلّ تناوله من الآخذ وإن لم يثبت كون الأرض خراجيّة بحيث يترتّب عليه الآثار الأُخر ، مثل وجوب دفع أُجرة الأرض إلى حاكم الشرع ليصرفه في المصالح إذا فرض عدم السلطان الجائر ، ومثل حرمة التصرّف فيه من دون دفع أُجرة أصلاً ، لا إلى الجائر ولا إلى حاكم الشرع.
وإن أُريد بفعل المسلم تصرّف المسلمين فيما يتناولونه من الجائر من خراج هذه الأرض ، ففيه : أنّه لا عبرة بفعلهم إذا علمنا بأنّهم لا يعلمون حال هذه الأراضي ، كما هو الغالب في محلّ الكلام ؛ إذ نعلم بفساد تصرّفهم من جهة عدم إحراز الموضوع. ولو احتمل تقليدهم لمن