نعم ، لو كان داعيه هو القربة وكان الداعي على الغسل بقصد القربة أخذ الأُجرة صحّ الغسل ، لكن مع ذلك أخذ الأُجرة حرام إلاّ إذا كان في قبال المقدمات غير الواجبة فإنّه لا بأس به حينئذ.


بل الأمر الإجاري مؤكّد للعبادية ، وذلك لأنّ العمل لا يصدر بداعي أخذ الأُجرة عليه لعدم ترتب العمل عليه ، إذ يمكنه أن يأخذ الأُجرة ولا يأتي بالعمل في الخارج أصلاً ، ولو لم يكن له مناص [ إلاّ ] من الإتيان بالعمل كما في تغسيل الميِّت لأنّه بمرأى من المستأجر فيمكنه الإتيان بالعمل على وجه الفساد بأن يبقي مقداراً قليلاً من بدنه بدون غسل أو بغير ذلك من أنحاء الإفساد والإخلال.

كما أنّ العمل لا يصدر بداعي استحقاق الأُجرة ، لعدم الترتب بينهما ، فان استحقاق الأُجرة في عقد الإجارة يترتب على العقد ، إذ بتحقق العقد يستحق الأجير الأُجرة سواء عمل في الخارج أم لم يعمل ، غاية الأمر إذا لم يعمل وانقضت مدّة الإجارة تولد للمستأجر حق فسخ العقد فيطالبه بعين الأُجرة إن كانت موجودة أو ببدلها مثلاً أو قيمة إذا كانت تالفة ، فالاستحقاق يترتب على العقد لا على العمل. نعم ، استحقاق المطالبة بالأُجرة وعدم جواز تأخيره للمالك المستأجر يترتب على العمل ، لأنّ الأجير قبل العمل لا يستحق المطالبة بالأُجرة من المستأجر ويجوز له أن لا يدفعه إليه ، فلو أتى بالعمل بغاية توليد الحق الشرعي له في مطالبة المستأجر بالأُجرة وأن لا يجوز للمستأجر تأخيرها فهو صحيح ، إلاّ أنّه إتيان للعمل بقصد القربة والداعي القربي وليس من الإتيان بداعي أمرٍ آخر.

فالمتحصل : أنّ الإتيان بالعمل بداعي الأخذ الخارجي أو بداعي الأخذ الملكي أي صيرورة الأجر ملكاً له غير صحيح ، لأنّ الأخذ الخارجي والملكية لا يترتبان على العمل ، والأخذ بمعنى جواز المطالبة وحرمة الإبطاء في دفعها غاية مترتبة على العمل إلاّ أنّه داعٍ قربي ، وليس من الإتيان بالعمل بداعي أمر آخر.

إذن ينحصر الداعي إلى الإتيان بالعمل على الوجه الصحيح بالأمر والوجوب‌

۳۸۳