والخبر الذي ينقل من أن الميِّت يعذب ببكاء أهله ضعيف منافٍ لقوله تعالى ﴿ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وأما البكاء المشتمل على الجزع وعدم الصبر فجائز ما لم يكن مقروناً بعدم الرضا بقضاء الله ، نعم يوجب حبط الأجر ، ولا يبعد كراهته.


لكثرة الابتلاء بالأموات والبكاء عليهم.

الثالث : الأخبار الواردة في أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى على إبراهيم وقال : « تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب » ، وبكى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً على جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة ، وكذلك بكت الصديقة عليها‌السلام على رقية بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أبيها ( صلوات الله عليه وآله ) وبكى علي بن الحسين عليه‌السلام على شهداء الطف مدّة مديدة ، بل عدّت الصدِّيقة الطاهرة وزين العابدين عليهما‌السلام من البكّائين الخمسة لكثرة بكائهما (١) ، بل ورد الأمر بالبكاء عند وجدان الوجد على الميِّت في رواية الصيقل فراجع (٢).

نعم ورد في حسنة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام « كل الجزع والبكاء مكروه ما سوى الجزع والبكاء لقتل الحسين عليه‌السلام » (٣).

إلاّ أنه في مقابل السيرة والأخبار لا بدّ من تأويل الكراهة فيها بحملها على كون البكاء مكروهاً عرفياً لعدم مناسبته مع الوقار والعظمة والمنزلة ومن ثمة لم ير بعض الأعاظم قدس‌سرهم باكياً على ولده المقتول لدى الناس وقالوا : إنه كان يبكي عليه في الخلوات في داره لا أنه مكروه شرعي ، أو يحمل على أن مجموع الجزع والبكاء مكروه ، فان الجزع غير مرغوب فيه شرعاً إلاّ على أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٢٧٩ / أبواب الدّفن ب ٨٧.

(٢) الحديث ٢ من الباب المتقدم ذكره.

(٣) الوسائل ٣ : ٢٨٢ / أبواب الدّفن ب ٨٧ ح ٩.

۳۸۳