والجواب عن ذلك : أن عدم جواز تأخير الدّفن في مفروض المسألة أمر لم يرد في نص ولم يقم عليه إجماع تعبّدي ، وإنما أفتى به جماعة ، نعم لا إشكال في جواز الدّفن قبل التغسيل والصلاة عليه حينئذ وأما حرمة تأخيره فلا ، فاذا لم يعد إبقاؤه وتأخيره المستلزم لطروء الفساد عليه إهانة في حقه كما لا يعد فلا يمكننا الحكم بحرمة النقل.

نعم قد يتوهم أن ما دل على الأمر بالدّفن عام زماني ويدلّ على وجوب الدّفن في كل آنٍ ، ومن ثمة لو خرج الميِّت عن قبره بسبب من الأسباب وجب دفنه ثانياً ، وإنما خرجنا عن عمومه بمقدار التغسيل والصلاة عليه ونحوهما ، وأمّا بالإضافة إلى النقل فلا ، فمقتضى العموم أو الإطلاق الزماني في دليل الدّفن عدم جواز النقل حينئذ.

وفيه : أن هذا الوجه لو تمّ لاستلزم الحكم بوجوب الدّفن وعدم جواز تأخيره حتى فيما نقطع بعدم طروء الفساد على الميِّت لو بقي ساعة أو ساعتين لبرودة الهواء ، كما يستلزم عدم جواز النقل إلى المشاهد المشرفة حتى إذا لم يستلزم طروء الفساد عليه مع أنه ممّا لا يمكن الالتزام به.

وهذا الوجه أيضاً ساقط ، وسره أنّ ما دلّ على وجوب الدّفن كقوله عليه‌السلام : « يغسل ويكفن ثم يصلى عليه فيدفن » ليس له إطلاق زماني بوجه ، وإنما يدلّ على وجوب الدّفن كوجوب غيره من الأُمور اللاّزمة في التجهيز.

وعليه فالصحيح ما أفاده الماتن قدس‌سره من جواز النقل ، بل رجحانه إلى المشاهد المشرفة وإن كان ذلك مستلزماً لطروء الفساد على الميِّت لا باختيار المكلف.

الكلام في جواز النقل بعد النبش

قد يقع الكلام في حرمة النبش وجوازه بما هو نقل وتحويل للميت من قبر إلى قبر كما إذا أخرجه السيل أو الزلزال أو نبش قبره عصياناً ونحو ذلك ، وأُخرى من حيث كون النقل ذا مقدمة محرمة وهي النبش. وفي الحقيقة يقع الكلام في حرمة النبش لنقل الميِّت وعدم حرمته.

۳۸۳