استدراك

تقدّم أنه لو خيف مع حياتهما على كل منهما انتظر حتى يقضى ، وذلك لأن تركه ترجيح لأحدهما على الآخر مع حرمة كل منهما لكونهما مسلمين أو مؤمنين ، فلا يجوز لثالث أن يتحفظ على أحدهما بإتلاف الآخر.

لأن المقدّمة إذا كانت محرمة لم يمكن تقديم الوجوب في ذي المقدّمة على الحرمة في المقدّمة فإنّ حفظ النفس الواجب في أحدهما يتوقف على المقدّمة المحرمة وهي إتلاف الآخر ، وهذا ليس بجائز إلاّ فيما إذا كان الوجوب في ذي المقدّمة من الأهمية بمرتبة أزال الحرمة عن المقدّمة الحرام ، كما هو كذلك في توقف إنقاذ النفس المحترمة على التصرّف في أرض الغير من دون إذنه.

وأما في أمثال المقام ممّا لم تثبت الأهمية في ذي المقدّمة لتساوي الحكمين أو عدم كون الوجوب أهم ، كما إذا توقّف حفظ المال المحترم على إتلاف مال محترم آخر فلا مرخص في ارتكاب المقدّمة المحرمة لأجل امتثال الأمر بذي المقدّمة ، بل لا بدّ من انتظار قضاء الله سبحانه وأن الام تموت حتى يتحفّظ على الولد بإخراجه من بطنها أو أن الولد يموت حتى يتحفّظ على الأُم بإخراجه كما تقدّم ، هذا كله بالإضافة إلى الثالث.

وأمّا وظيفة الأُم في نفسها وأنه هل يجوز لها أن تقتل ولدها تحفظاً على حياتها أو لا يجوز لها ذلك؟ الظاهر أنه لا مانع للُام من التحفظ على حياتها بأن تقتل ولدها والسر في ذلك ما ذكرناه في محلِّه من أن الضرر إذا توجّه إلى أحد شخصين لا يجب على أحدهما تحمّل الضّرر حتى لا يتضرّر الآخر (١) ، لأن التحمّل عسر وحرج فلا يكون مأموراً به ، وفي المقام لا يجب على الام أن تتحمّل الضرر بأن تصبر حتى تموت تحفّظاً على حياة ولدها ، لأنه عسر فلا يجب ذلك على الام ، ولعلّه من فروع قاعدة دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة ، فلا بأس في أن تتحفّظ الام على حياتها ولو بقتل ولدها ، هذا كلّه في الاستدراك.

__________________

(١) لاحظ مصباح الأُصول ٢ : ٥٦٣.

۳۸۳