الغسل بالماء القراح مثلاً عند تعذّر ماء السدر أو يسقط الأمر بالغسل رأساً ، وينتقل إلى التيمم بدلاً عن الغسل بماء السدر المتعذّر؟

المشهور وجوب الغسل بالماء القراح عند تعذّر الخليط ، إلاّ أنّ الصحيح عدم وجوب الغسل حينئذ والانتقال إلى التيمم ، وذلك لأنّ الحكم بوجوب الغسل بالماء القراح حينئذ إمّا أن يستند إلى قاعدة الميسور أو إلى الاستصحاب ، ولا يتم شي‌ء منهما.

أمّا قاعدة الميسور ، فلمّا أشرنا إليه من عدم ثبوتها بدليل. على أنّا لو قلنا بتمامية القاعدة لا يمكن التمسّك بها في أمثال المقام ممّا يعدّ الميسور مغايراً مع المعسور لا ميسوراً منه. وهذا نظير ما إذا أوجب المولى إكرام الهاشمي مثلاً ، فتعذّر فأكرم غير الهاشمي ، لأنّه ميسور لذلك المعسور لاشتراكهما في الإنسانية ، مع أنّهما متباينان عند العرف ، كيف ولا يستدلّون بها على وجوب الأجزاء الممكنة من الغسل عند تعذّر بعض أجزائه ، كما إذا فرضنا أنّ الماء في الغسل لا يفي إلاّ بثلاثة أخماس الميِّت أو بتسعة أعشاره ، فإنّهم لا يلتزمون بوجوب الغسل في ثلاثة أخماس أو تسعة أعشار الميِّت بدعوى أنّه ميسور من الغسل المتعذّر.

مع أنّ الأجزاء أولى بالتمسّك فيها بالقاعدة من الشروط ، لأن في تعذّر الشرط كما في المقام قد يقال : إنّ فاقد الشرط مغاير لواجده ، لأن أحدهما بشرط شي‌ء والآخر بشرط لا ، ولا تكون الماهية بشرط لا ميسوراً من الماهية بشرط شي‌ء وإنّما هما متغايران فلا مجال فيه للتمسّك بالقاعدة. وهذه المناقشة لا تأتي في الأجزاء ، إذ يمكن أن يقال : إن معظم الأجزاء ممكنة وتعدّ ميسوراً من الواجب المعسور عند العرف ومع هذا لم يلتزموا بوجوب الغسل في الأجزاء الممكنة فما ظنّك بالمشروط عند تعذّر شرطه كما في المقام.

وأمّا الاستصحاب ، بدعوى أنّ الغسل عند التمكّن من الخليط كان واجباً قطعاً وإذا تعذّر الخليط وشككنا في بقائه على الوجوب نستصحب وجوبه ونقول إنّه الآن‌

۳۸۳