كما يجوز العدول عن الجماعة إلى الانفراد (١)


أَعْمالَكُمْ (١) إلاّ أن في دلالته على المدعى ما لا يخفى على الفطن ، لأنه إنما يدل على أن العمل بعد ما تحقق صحيحاً في الخارج لا يجوز قلبه باطلاً بالإحباط ، نظير قوله تعالى ﴿ لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى (٢) ولا يستفاد منها حرمة رفع اليد عن العمل قبل تحققه في الخارج ، على أنه يستلزم تخصيص الأكثر وهو مستهجن ، وكيف كان فلا مانع من القطع في المقام.

وأما ما ورد من أن أولها التكبيرة وآخرها التسليمة (٣) حيث ذكروا أنها تدل على أن الكلام يحرم بعد التكبيرة ولا يحل إلاّ بعد التسليمة ، فهو على تقدير دلالته على ذلك يختصّ بالصلوات ذات الركوع والسجود بقرينة ذكر التسليمة فيه ، ولا يشمل ما يسمّى صلاة تسامحاً مثل المقام ، فله أن يقطع صلاته ليشرع فيها من الابتداء أو لئلاّ يصلِّي أصلاً.

العدول عن الجماعة إلى الانفراد‌

(١) لأن حرمة رفع اليد عن الجماعة بعد الشروع فيها تكليف لا نعلم بتوجهه إلينا ، ومقتضى البراءة عدمه ، فجواز العدول على طبق القاعدة ، وهذا لا يختص بالمقام بل يجوز في سائر الجماعات أيضاً.

نعم إذا كان بانياً على العدول من الابتداء لم يجز هذا في المقام وغيره ، لأن العدول إنما جاز وثبتت مشروعيته في الجماعة المشروعة ، ومرجع هذا البناء من الابتداء إلى أنه يريد الجماعة والائتمام في ركعة أو في تكبيرة مثلاً ، والجماعة في غير الصلاة التامة لم تثبت مشروعيتها ليجوز فيها العدول.

__________________

(١) محمد ٤٧ : ٣٣.

(٢) البقرة ٢ : ٢٦٤.

(٣) الوسائل ٦ : ٩ / أبواب تكبيرة الإحرام ب ١ ، ٤١٥ / أبواب التسليم ب ١.

۳۸۳