الأحكام على بيان الحكم الاقتضائي.

وهذا ما بنى عليه صاحب الكفاية في دليل : « لا ضرر » ونحوه كدليل نفى الحرج ، واصطلح عليه بالتوفيق العرفي (١).

هذه زبدة الوجوه المذكورة في هذا المقام.

أما الأول : فهو فرع تحقق التعارض بنحو لا يمكن الجمع بينهما ، فهو في طول سائر الوجوه وسيتضح لك ان النوبة لا تصل إليه.

وأما الثاني : فهو لا وجه له ، إذ لا مجال لملاحظة جميع الأدلة دليلا واحدا ، بعد ان كانت الأحكام مبيّنة بأدلة مستقلة ، ومجرد الملاحظة لا يصيرها دليلا واحدا كي تتغير النسبة.

وأما الثالث : فهو وجه متين يلتزم بنظائره في موارد متعددة من الفقه.

ويمكن تصويره بنحو أكثر صناعة وأبعد عما يدور حوله من إشكال ، بأن يقال : إنه بعد الجزم بصدور : « لا ضرر » وإرادة نفي الضرر في الجملة بنحو تكون : « لا ضرر » نصا في بعض الموارد على نحو الإجمال.

وهذا ينافي إطلاق أدلة الأحكام وعمومها ، ويكون العمل بأدلة الأحكام موجبا لطرح ما يكون دليل : « لا ضرر » نصا فيه لا مجرد ظهوره فيه ، لأنها نصّ في بعض الموارد بنحو الموجبة الجزئية ، ومقتضى ذلك حصول العلم الإجمالي بتقييد وتخصيص بعضها ، فلا يمكن العمل بكل واحد منها لعدم جريان أصالة العموم بعدم العلم الإجمالي بتخصيص البعض ، فتسقط أصالة العموم في الجميع.

ولكن لا يخفى عليك ان هذا الوجه إنما تصل النوبة إليه بعد عدم إمكان الجمع العرفي بين دليل نفي الضرر وأدلة الأحكام ، إما بنحو الحكومة أو بنحو التوفيق العرفي الّذي يبني عليه صاحب الكفاية ، لأنه فرع المعارضة.

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٨٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۸۷۱