حرمة الضرر كما لا يخفى.

هذا بحسب مقام الثبوت.

وأما بحسب مقام الإثبات ، فالظاهر عرفا من دليل الإباحة كونه من النحو الأول ، ولذا لا يرى هناك تعارض عرفا بين دليل السلطنة على النّفس أو المال وبين دليل تحريم إضرار الغير أو النّفس ، بل قد عرفت ان العرف لا يرى ان دليل السلطنة يشمل موارد الإضرار بالغير ، فلاحظ.

ومن هنا يظهر الحكم في تعارض دليل الاستحباب مع دليل حرمة الضرر بالنفس.

وأما الحكم الإلزامي ، كالوجوب ، فهو على نحوين ، لأن عموم الدليل تارة يكون بدليا ، ويكون الضرر في أحد افراده ، كالصلاة بالكيفية المخصوصة. وأخرى يكون شموليا أو بدليا ، ويكون الضرر في أصل الطبيعة ، كالوضوء الضرري أو الصوم الضرري الواجب كصوم شهر رمضان أو الصوم المنذور.

ففي الأول : لا تعارض بين دليل التحريم الشامل لهذا الفرد وبين دليل الواجب ، لأن دليل الوجوب يتعلق بالطبيعة ، ويترتب على ذلك الترخيص في تطبيق الواجب على كل فرد من أفراده ، فالتعارض في الحقيقة بين دليل الترخيص في تطبيق الطبيعة على هذا الفرد الضرري ، وبين دليل تحريم الضرر ، وقد عرفت حكم تعارض دليل الترخيص مع دليل حرمة الضرر.

وبعبارة واضحة : ان الترخيص في تطبيق الطبيعة على كل فرد انما هو بلحاظ تساويها في تحصيل الواجب بلا مانع. ومع وجود ملاك التحريم في أحدها ـ لأجل الضرر ـ لا يكون دليل الترخيص شاملا له لوجود مفسدة ملزمة في هذا الفرد ، فلا معنى للترخيص عقلا أو شرعا فيه فلاحظ.

وفي الثاني : يتحقق التعارض بين الدليلين ، إذ مقتضى إطلاق الوجوب ثبوت الحكم حتى في مورد الضرر ، ولو بلحاظ ذات الواجب. ومقتضى إطلاق

۴۸۷۱