إذا كانت شائعة جدا ، وبين ما لم يكن الموضوع بهذه المثابة من الوضوح ، فالفحص واجب في الأول وان كانت فيه مشقة ومئونة ولا يجب في الثاني.
والوجه فيه : ان الموضوع إذا كان من النحو الأول ، يصدق عليه عرفا إنه معلوم وواضح ومعروف فيقال عن الفجر عرفا أنه معلوم.
والغاية المأخوذة في موضوع البراءة وان كانت هي العلم الظاهر بدوا في إرادة العلم الدقي الحقيقي ، فلا عبرة بالصدق العرفي.
إلا انه ، بملاحظة هذا الصدق العرفي يكون العلم المأخوذ غاية للأصول منصرفا إلى المصداق العرفي منه. فيثبت وجوب الفحص في مثل ذلك حينئذ.
هذا تمام الكلام في إجراء البراءة في الشبهة الموضوعية ولزوم الفحص فيها.
واما البراءة في الشبهة الحكمية : فقد اتفق الكل على لزوم الفحص قبل إجرائها وعدم جواز العمل بها قبل الفحص وإن كانت أدلتها بحسب الظاهر مطلقة من هذه الجهة.
وقد وقع الكلام في الدليل على لزوم الفحص وتقييد إطلاق أدلة البراءة الشرعية به.
وقد ذكر لذلك وجوه متعددة :
الأول : الإجماع القطعي على اعتبار الفحص في الشبهات الحكمية.
ونوقش الإجماع في الكفاية وغيرها بأنها غير صالح للحجية بعد وجود الوجوه الأخرى التي أقيمت على اعتبار الفحص. لاحتمال استناد المجمعين إليها فلا يكون إجماعا تعبديا كاشفا عن قول المعصوم عليهالسلام (١).
الثاني : حكم العقل بلزوم الفحص فيما كان بناء المولى على تبليغ أحكامه
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٧٥ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.